خصص الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي القسم الاكبر من اليوم الثاني من زيارة الدولة التي يقوم بها للصين لجولة سياحية مع زوجته كارلا بروني ساركوزي، لكنه واصل في الوقت نفسه لقاءاته مع القادة الصينيين. فبعد لقائه الاربعاء مع الرئيس هو جينتاو، اجتمع ساركوزي امس مع رئيس الجمعية الوطنية الشعبية الصينية وو بانغو.وقال لمضيفه في بداية اللقاء ان "الصين شريك استراتيجي لفرنسا اليوم. انها ليست قوة الغد بل قوة اليوم". واستكمالا لمناقشاته مع الرئيس الصيني من المفترض ان يعيد ساركوزي مع وو طرح كبرى الملفات الدولية، السياسية منها والدبلوماسية، ولا سيما موضوع مجموعة العشرين التي ستتولى فرنسا رئاستها في تشرين الاول-اكتوبر المقبل، والملف النووي الايراني. ويحاول الرئيس الفرنسي اقناع الصينيين المتحفظين بأهمية فرض عقوبات جديدة على ايران بسبب برنامجها النووي. وقبل هذا اللقاء زار الرئيس الفرنسي وزوجته اثنين من ابرز المواقع السياحية في الصين هما سور الصين العظيم ومدافن سلالة مينغ التي حكمت الصين من القرن الرابع عشر حتى القرن السابع عشر.وقال الرئيس الفرنسي امام وو ان قبر كانغ لينغ الذي تم ترميمه مؤخرا "لم يفتح حتى الآن"، معبرا عن "تأثره الشديد" بذلك. وبطريقة غير مألوفة في زيارة رئاسية الى الخارج، تحتل السياحة حيزا بارزا في زيارة الدولة الثانية التي يقوم بها ساركوزي الى الصين، بعد زيارة اولى في تشرين الثاني-نوفمبر 2007. ولم يتردد رئيس البرلمان الصيني في الاشارة الى ذلك قائلا "تزورون ثلاث مدن في ثلاثة ايام. هذا قد يدل على اسلوبكم في العمل". واضاف "زرتم شآن مرة ثانية وهذا يدل على اهتمامكم بالثقافة الصينية". وقد بدأت الزيارة صباح الاربعاء بمحطة في مدينة شآن، عاصمة الامبراطورية القديمة في شمال غرب البلاد.والميزة الثانية لهذه الزيارة التي تستمر ثلاثة ايام كاملة (من الاربعاء حتى مساء الجمعة)، هي انها ايضا واحدة من اطول الزيارات التي يقوم بها الرئيس الفرنسي الذي غالبا ما تكون زياراته قصيرة وسريعة. ولا شيء من ذلك هذه المرة. ويتضمن برنامج يوم الجمعة محطة سياحية في المدينة المحرمة التي سيزورها ساركوزي مع زوجته في اعقاب لقاء اخير مع الرئيس ورئيس الوزراء وين جياباو. ثم يتوجه الرئيس وزوجته الى شانغهاي حيث سيفتتح المعرض العالمي في المساء. وتساهم هذه الرغبة التي اعرب عنها ساركوزي في الاهتمام برموز التاريخ الصيني، على ما يبدو في تهدئة العلاقات بين بكين وباريس التي تدهورت اواخر 2008 ومطلع 2009 جراء مسائل تتعلق بالتيبت. واكد فانغ لسيان استاذ السياسة الاوروبية في جامعة رنمين امس لصحيفة تشاينا دايلي، ان "الطريق" الذي سلكه ساركوزي والوفد المرافق (خمسة وزراء) "موحى به. انها طريقة جيدة ليعرف كيف أثر التاريخ الصيني على طريقتنا في التفكير" اليوم. واضاف ان "العلاقات الصينية - الفرنسية عادت الى وضعها الطبيعي". والدليل كما ذكرت تشاينا دايلي ايضا، هو اعلان الرئيس الصيني عن زيارة دولة سيقوم بها الى فرنسا في الخريف.ذلك كان الهدف المعلن لزيارة الدولة التي لم تبرم خلالها، كما قال الاليزيه عقود ضخمة، كما حصل في تشرين الثاني-نوفمبر 200 (حوالي 20 مليار يورو)، بل ساهمت لطي صفحة الخلاف الذي حصل قبل سنتين والذي الناجم عن لقاء بين ساركوزي والزعيم الروحي للتيبيتيين الدالاي لاما، العدو اللدود لبكين. وتحقق هذا الهدف على ما يبدو. فقد اعرب الرئيس الصيني عن ارتياحه لفتح "صفحة جديدة" في العلاقات الصينية - الفرنسية. من جهته، لم يتوان الرئيس ساركوزي عن التأكيد منذ وصوله، على ضرورة ان تكون لبكين كامل مكانتها في النظام العالمي الجديد، مشددا على ان "الصين ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها".