المتابع للمشهد الثقافي والفكري في مجتمعنا يلمس وبكل وضوح ارتفاع درجة حرارة الاجساد والعقول وتأجج درجة الاختلاف خاصة بين رموز واخرى والرموز هنا ليست بالضرورة الافضل ولكن اقصد بها الاعلى صوتاً والاكثر ثرثرة وظهورا إعلامياً...,وهذا التحديد اعتمدته كمفهوم لمقالتي اليوم حتى لايتم تفسير الامر بأكثر مما يحتمل... اختلاف هنا واختلاف هناك ...,امر جميل ان نختلف ولكن الاشكال أن الامر اختل وانتقل من اختلاف فكري الى خلافات فكرية ومواقف شخصية....؟؟ والامر يتسع في مساحته مع عدم اتقان البعض لعبة الاعلام والاضواء وهي لعبة خطيرة نعلم جميعا أنها أسقطت حكومات في الخارج ووزراء في الداخل ...؟الاعلام لعبة تعري البعض وتكشف حقيقة جوهره، وهل هو منتمٍ لفكر معين ام باحث عن الضوء والفلاش ..,وخاصة لما تستقرأ مسيرة العطاء للافراد ... حقيقة لايهمني كثيرا ذلك الصراع الدائر بين عناصر اتجاه واخر لانني على يقين انه صراع افراد وليس اتجاهات لانه في الاساس ليس لدينا اتجاه ليبرالي مثلا لاقول انني مع أو ضد ...,ايضا الاتجاه الديني ليس اتجاها فكريا بل توجهات اشخاص وتدين مرتبط بالكتاب والسنة وليس بفكر أفراد ....,واقع المجتمع السعودي كأفراد وكنظام بفضل الله ثم بفضل وعي ولاة الامر مستقل عن هؤلاء وهؤلاء بل إن شجرة الوسطية يتمدد في ظلها مجتمعنا بقوة لاتعيقها رياح آتية من اليمين أو اليسار.... الخطورة أن البعض يعتقد أن الدين يتمثل من خلاله ...,والبعض الآخر يعتقد أن التقدم والتطور يتمثل من خلال أفكاره ....,والحقيقة والواقع تقول إن البلاد ولله الحمد بدينها وتقدمها تقفز قفزا في السنوات الاخيرة لاتنتظر كل هذا الضجيج والجدل الفكري..,بل هي تواصل طباعة القرآن وبناء المصانع وبناء الإنسان وفق ثوابت الدين وتقدم العلم المعاصر...وهؤلاء في حال جدل لايقف عند الاختلاف بل اخترق بعضهم البعض الاخر في تتبع التحركات والسكنات وكأن الأمر خلاف شخصي وليس اختلاف افكار.... جزء من جوهر الاختلاف يكمن في أن بعضنا مازال يعتقد انه يتحدث الى فئة محدودة وان اراءه لاتخترق فضاء الاخرين وانه يستطيع ان يعطي رأياً ويغيره قولا أو عملا دون ان تتم مناقشته...,مع ان معطيات الاتصال الآن تخترق مسامات أجسادنا على مدار الساعة...,في المقابل هناك من يتصنع الاختلاف ويجسد أخطاء هؤلاء كما لو كانوا غير بشر أو أنهم منزهون عن الاخطاء، وهذا افتراض لايتفق مع الإسلام ديننا جميعا... أن نختلف أمر طبيعي ولكن الاشكال أن الاختلاف اخترق الفكر وتوجه الى الاشخاص ومتابعة عورات البعض الفكرية، وهنا مكمن الخطأ لأننا اليوم في حاجة لتعدد الآراء دون الاهتمام في (شخصنتها)في حاجة ان نأخذ بالافضل دون التمعن في القائل أو....الاختلاف فلسفة ومنهج تعايش وتطور والخلاف انتكاسة افراد وأحيانا أمم....