مع بدء توالي الأنباء عن قرب انقشاع سحابة الرماد البركاني المتصاعدة من آيسلندا التي أرخت كامل ثقلها على القارة الأوروبية، تتكشف غمامة من نوع آخر لتبرز الخسائر الفادحة التي تسبب بركان آيسلندا الثائر منذ الأسبوع الماضي على قطاع الطيران التجاري الذي أصيب بالشلل التام في جميع أنحاء أوروبا، إذ منع الرماد البركاني الطائرات من التحليق وتركها رابضة على أرض المطارات وترك مسؤولو شركات الطيران التجاري يقلبون أكفهم ويضربون أخماسهم بأسداسهم قلقاً وحسرة على الخسائر التي منيت به تلك الشركات ليس على المستوى الأوروبي فقط بل إن الأزمة تفاقمت حتى تأثر بها قطاع الطيران التجاري في جميع أنحاء العالم، ولا سيما منطقة الخليج، التي يتخذ منها عدد من كبرى شركات الطيران مقراً لعملياتها كالخطوط الجوية السعودية وطيران الإمارات وطيران الاتحاد في دولة الإمارات وغيرها.. وقالت أنباء صادرة عن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا) إن خسائر شركات الطيران نتيجة بركان آيسلندا فاقت خسائرها جراء هجمات 11 أيلول عام 2001. وأشارت (أياتا) يوم الاثنين إلى أن قطاع الطيران التجاري يخسر ما يفوق 250 مليون دولار في كل يوم تستمر فيه هذه الأزمة. وكان ذات المصدر قد أكد يوم السبت الماضي أن الخسائر تتجاوز 200 مليون دولار يومياً مما يشير إلى تفاقم أحوال قطاع الطيران في أوروبا والعالم. وفي الإمارات ، ورغم التباعد الجغرافي الواسع الذي يفصلها عن القارة الأوروبية وجزيرة آيسلندا الواقعة في شمال المحيط الأطلسي، إلا أن هذا الأمر لم يمنع تكبد شركات الطيران أفدح الخسائر، إذ تتوالى الأنباء والتقارير بشكل متسارع منذ يوم السبت الماضي حول ما آلت إليه أوضاع الملاحة الجوية في مطارات كل من دبي والعاصمة أبوظبي، فقد أكدت مصادر إماراتية أن كلاً من طيران الإمارات في دبي وطيران الاتحاد في أبوظبي قد علقتا رحلاتهما إلى الدول الأوروبية منذ بداية الأزمة مما تسبب بخسائر قدرتها طيران الإمارات بأكثر من 50 مليون دولار جراء إلغاء 250 رحلة وتأثر نحو 80 ألف راكب، كما تم إلغاء رحلات أكثر من 6 آلاف مسافر ترانزيت ما زالوا عالقين في المطارين المذكورين بسبب توقف حركة النقل الجوي إلى أوروبا، وتتكفل شركات الطيران بجميع تكاليف الإقامة الفندقية وثلاث وجبات يومياً لكل منهم بتكلفة تفوق مليون دولار يومياً. وقال نائب رئيس دائرة العمليات التجارية في طيران الإمارات ريتشارد فون معلقاً على أزمة سحابة الرماد البركاني "لم يسبق أن واجهت صناعة الطيران العالمية مثل هذا الحجم الكبير من تعليق الرحلات، وكلما طالت فترة الإلغاء كلما أصبحت إعادة جدولة الرحلات إلى أوضاعها الطبيعية أكثر تعقيداً" ومع تزايد المؤشرات على زوال خطر السحابة البركانية تتأهب منذ أمس شركات الطيران في دولة الإمارت لاستئناف رحلاتها إلى وجهاتها الأوروبية، وذكر بيان صادر عن طيران الإمارات إن خطط الشركة تتركز على المسارعة إلى تأمين تسيير رحلاتها إلى المملكة المتحدة بعد الحصول على موافقة سلطات رقابة الحركة الجوية هناك. وأشار البيان الى أن طيران الإمارات على أتم الاستعداد لاستئناف الرحلات فور قيام السلطات المختصة في الدول الأوروبية برفع الحظر على الرحلات الجوية .. وأيدت هذه الأنباء أنباء أخرى واردة من أوروبا إذا أعلن وزير المواصلات الألماني فتح المجال الجوي والسماح بالسفر بعد حوالي خمسة أيام من الحظر. كما واصلت طيران الاتحاد من جهتها تسيير رحلاتها إلى الوجهات الأوروبية بدءاً بمدينة ميلان الإيطالية والعاصمة الروسية موسكو وتنتظر رفع الحظر على الطيران في باقي الأجواء الأوروبية لاستئناف تسيير الرحلات إليها. وفي موضوع ذي صلة، استفادت قطاعات النقل الأخرى كالنقل البري والبحري فرصة للازدهار وتعويض خسائرها جراء أزمة الكساد كما ازدهرت حجوزات الفنادق التي مدد النزلاء الذين تقطعت بهم السبل حجوزاتهم فيها إلى حين انقشاع الغمامة البركانية.