أتمنى من الله أن يعطيني مئة سنة إضافية أو مئتين أو حتى ثلاث مئة. كل إنسان يتوق إلى هذا. أريد أن أشاهد ما الذي يمكن أن يحدث في هذا العالم. حدثتكم عن أغنية خلاص من حبكم لابن سعيد يوم أمس الأول. عرفت هذه الأغنية في أواخر السبعينيات الميلادية. ما كنت أتخيل حينها أن العالم سيصبح بهذه الصورة التي نعيشها اليوم. أغاني ابن سعيد مخزنة في سريفرات في مكان ما في الولاياتالمتحدة أو في الصين. إذا سافرنا في ذلك الزمان كنا نأخذ مسجل كاسيت وأكبر عدد من الأشرطة. زال هذا تماما. في أي مكان نسافر إليه نجد ابن سعيد سابقنا إليه . لو تفحصت أمانيّ وأخيلتي وتصوراتي لما وجدت أياً منها تحقق. لا يعود الأمر إلى سوء تقدير أو نقص في الخيال. تصوراتنا تبنى على ظروفنا القائمة. بعد مئة سنة لن تبقى الظروف كما هي. سوف تتغير وتصبح أحلامنا سخيفة. في الثمانينيات الميلادية تنبأ أهل العلم أن العالم بصدد إلغاء فكرة توزيع الجرائد. سوف يتم تركيب جهاز في كل بيت بداخله كمية من الورق. ترسل المادة الصحفية عبر الأقمار الصناعية وتطبع في داخل البيت. كانت فكرة مذهلة. اليوم أصبحت سخيفة. الورق نفسه انتهى دوره أو على وشك. نستيقظ في عام 2090 . سنجد أن السلكون فالي انتقل من كاليفورنيا إلى الخرخير. هذا التوقع مبني على ظروف الحاضر. على أساس أن الخرخير ستبقى وأن السلكون فالي سيظل رائد صناعة البرمجيات العالمية، وأن العالم سيبقى على هذه التكنولوجيا. قياسا على الماضي لن أستغرب إذا زرت جنادرية عام ألفين ومئة و رأيت في القرية الشعبية رجلاً يشبه بل غيتس جالس يركب مكونات كمبيوتر كما نرى الآن رجلاً يصلح مهفة أو حصيراً. لا أشك أن أجدادنا قبل ثلاث مئة سنة أو أربع مئة سنة كانوا يتخيلون أن تطور المواصلات سيكون بتحسين هودج البعير وبرثعة الحمار. ما جرى للمواصلات لم يكن في خيال أحد آنذاك. ما الذي سأخبركم به لو عشت مئة سنة زيادة. عالم آخر تماما. مفهوم الإنسان عن نفسه سيتغير. سيظهر تعريف جديد لكلمة حياة. كثير من المؤشرات يشي بذلك. أتوقع عودة الإنسان للطبيعة. ستختفي كثيرا من صنوف التكنولوجيا الملوثة للبيئة. ربما يعود الإنسان مثلا إلى استخدام الدابة في المواصلات بعد تحسين الحيوان وليس تحسين البرثعة والهودج. شاهدنا كيف تضاعف حجم الطماطم أضعاف حجمه الطبيعي. لماذا لا يجري ذلك على الحيوانات؟ لتصبح سرعة الحمار مئتين كيلو متر في الساعة مثلا. أيا يكن الأمر في المستقبل, سيكون الصراع في العالم شيئاً، أما الصراع في المملكة سيبقى: هل يحق للمرأة أن تقود حمارها بنفسها أم تحافظ على عفافها وتستقدم سائقاً يذبحها بصنانه.