أعرب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة عن سعادته بحضوره ملتقى النقد مع الصفوة والمثقفين، وما تعكسه هذه الملتقيات من التقاء بمختلف العلوم الأخرى، الذي يوجد قضايا ثقافية متكاملة، استطاع أن يخرج هذا الملتقى وغيره من الملتقيات الأدبية من عزلته الأدبية، إلى الفنون المعرفية والثقافية المختصة، مشيرا إلى ما تميز به الحراك الثقافي في مشهدنا المحلي، من الخروج عن الأروقة المحدودة لدى الجامعات، كما هو الشائع في العديد من بلدان العالم، الأمر الذي يجعل مشهدنا الثقافي بهذا البعد يجعله حضورا ثقافيا متميزا على المستوى الثقافي عالميا. وقال د. خوجة: هذا المساء بعث في نفسي الكثير من التأملات، التي يأتي في مقدمتها مباهج المدن الحديثة، الذي يمثله التطور الثقافي الضخم الذي يتجسد في كبريات المدن، التي تسعى إلى تحقيق الإشباع الثقافي والمعرفي، مشيدا بما تتميز به عاصمتنا الرياض من صناعة ثقافية عطفا على ما تجسده الشواهد الثقافية معلما ونشاطا، تجاوزت مفهوم العزلة والانكفاء على الذات..مؤكدا على ما تمثله صناعة الثقافة في المدن من خلال ما تقدمه من نشاط ثقافي يتمثل في عشرات الندوات تقدم يوميا، إلى جانب الندوات والمؤتمرات المخطط لها، التي أصبحت مؤتمرات دولية وعالمية، كما هو الحال في المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي أصبح مهرجانا عالميا. واختتم د. خوجه حديثه بما يصحب هذا النشاط الثقافي الوطني من نوعية المنتج، وما يجده من تعزيز بإقامة معارض مختصة منظمة، وما يتوج ذلك من اهتمام بالمنتج وتكريم المبدع اجتماعيا ووطنيا، مستعرضا الثقافة كعنصر مؤثر، وكمنتج عصري له أدواته أخذ ينتشر ويزداد تأثيرا يوما بعد آخر..مستشهدا بمعرض الرياض الدولي للكتاب، وما يتبع ذلك من تأملات اقتصادية في شتى حقول المعرفة والثقافة، مشيدا بما يعول عليه من الملتقى بوصفه اشتغالا على الخطاب النقدي، ومثمنا قيمة الوفاء التي تميز مشهدنا الثقافي على كافة المستويات، متمنيا التوفيق للمشاركين في ملتقى النقد..جاء ذلك خلال افتتاحه ليلة البارحة بمركز الملك فهد الثقافي لملتقى النقد الأدبي،الذي يقيمه نادي الرياض الأدبي. الدكتور سعد البازعي من جانب آخر أشاد رئيس النادي الأدبي الدكتور عبدالله الوشمي، بثناء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض على نادي الرياض الأدبي الثقافي، مثمناً ما يجده المشهد الثقافي من متابعة واهتمام من وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، مشيرا إلى ما قدمه النادي بحضور د. خوجة، الذي يتمثل حضوره معايشة حقيقة لما تقدمه الأندية الأدبية من مناشط مختلفة، معرجا على ما استحقه رئيس النادي السابق الدكتور سعد البازعي من تكريم على مستويات ثقافية مختلفة..مستعرضا عددا من مناشط التكريم السابقة التي تتمثل فيما سيواصل النادي تقديمه من ليال ثقافية احتفائية، مختتما حديثه بشكره لكافة اللجان التي أسهمت في صناعة ملتقى النقد في دورته الثالثة، إلى جانب شراكة مجموعة الزويد برعاية عدد من فعاليات الملتقى. أما الدكتور سعد البازعي فقد استهل حديثه من ذاكرة تمتد لخمسة وعشرين عاما، في أول أمسية أقامها البازعي آنذاك، وما صحبها من محاضرات تسير في تعميق علاقتهم مع التجديد والحداثة والنادي..مستعرضا جانبا من تفاعله في المشهد المحلي عبر المشاركات في أطروحات مختلفة، وصولا إلى إدارته للاثنينية التي أوهمت الحضور بعضوية البازعي في النادي، مشيرا إلى مدى ما شهدته العلاقة بين المؤسسة الأدبية والفرد من تحولات في مفهوم تلك العلاقة، التي وصفها ببناء الثقافة التي أعادته إلى المؤسسة ذاتها قبل ثمانية أعوام.. د.خوجة يكرم د.سعد البازعي ومضى البازعي ملمحا إلى جوانب العلاقة بين المثقفين والأندية الأدبية، التي وصفها بحاجتها إلى المزيد من تحليل شخصيتها وأدوارها، عبر رؤية تأمل لما قدمته وما لم تقدمه، وما انتجته وما لم تنجزه، مؤكدا على حاجة الأندية إلى شجاعة تمكنها من دورها سواء أبقيت على شكلها أم تحولت إلى شكل آخر. أما الدكتورة وفاء السبيل، فقد أشادت بغيث الثقافة الذي يهطل مناسبة ثقافية بعد أخرى، وواصفة ما يمثله ملتقى النقد من علامة بارزة في ملتقيات الأندية الأدبية، مشيرة إلى أهمية الالتفات إلى العمل المؤسسي الذي يستمر ويحقق ديمومة ببقاء الأفراد وبرحيلهم، مؤكدة على أهمية الدراسة والتخطيط للعمل الثقافي، والبعد عن العمل الثقافي الفردي، منوهة بأهمية التكريم والتشجيع الحي لكل من استحق ذلك في المشهد الثقافي، ما له من معان على مستوى الفرد والمنتج والمشهد..مشيدة بدور البازعي رئيسا للنادي من جانب، ولإسهامه الثقافي من جانب آخر.. بعد ذلك انطلقت الجلسة الأولى من فعاليات الملتقى، مضمنة ورقة بعنوان( جدل التجديد سؤالات التحول في الشعر السعودي) للدكتور إبراهيم الشتوي؛ وأخرى عن ( سلبيات منهج النقد اللغوي عند النقاد السعوديين) للدكتور حسن الهويمل؛ وثالثة في ( الشعر السعودي في رؤى النقاد العرب: صابر عبدالدايم أنموذجاً) للدكتور علي مطاوع، وورقة بعنوان (قراءة جديدة عبر كتاب أبواب القصيدة لسعد البازعي) للدكتور سعد الرفاعي. برئاسة الدكتور عبدالمحسن القحطاني. وقد بدأ مطاوع حديثه موضحا ما يميز الناقد المصري الدكتور صابر عبد الدايم يونس من جذب بلغته الشاعرة، التي وصفها عبد الوهاب بأنها مما يضفى على خطابه النقدي سحرا خاصا ومذاقا عربيا، من شأنه أن يشعر القارئ بما يمتلكه صابر من تقديم رؤاه النقدية، التي وصفها بالقدرة على الإقرار بنظرية نقدية عربية لإبداع عربي متميز يمتلك بها عبدالدايم قدرة على تجاوز محليته والعربية إلى فضاء عالمي أرحب بما يكتنزه في لغته من إبداع يرقى إلى القراءة الدراسة ، عطفا على تجاربه التي خرجت من رحم أرض البلاغة والبيان التي استسقى منها شاعرية اللغة فيما يدونه..وصولا إلى ما يتميز به صابر من عدم التعصب لقطريته. ومضى مطاوع مستعرضا ما تميز به الناقد من ممارسات نقدية تطبيقية متنوعة في الرؤى والأداة والطرح النقدي، الذي يؤكد كثيراً من الحقائق منها أصالة المقصدية الإيمانية في مبدعي المملكة العربية السعودية حيث جعلوها مرتكزاً رئيسا لهم في مضمون تجاربهم ومنطلقاً في رؤاهم الشعرية . (من اليمين) يوسف المحيميد والزميل سعد الحميدين وتركي الناصر السديري من جانب آخر وصف الدكتور حسن بن فهد الهويمل جانباً من سلبيات المنهج اللغوية عند النقاد السعوديين، التي ذكر منها اعتباره بديلاً عن سائر مناهج النقد الأدبي الحديث وتلقيه من الغرب دون النظر في مدى ملاءمة الإبداع العربي له.. معرجا على صلف المعارك النقدية بين سائر النظريات النقدية واشتغال المعنيين بالمناكفات على حساب التحرير للمسائل والتأصيل للمعارف والممارسات النقدية التطبيقية .. داعيا إلى المصالحة والتعايش بين المناهج النقدية الأخرى. ومضى الهويمل مستعرضا بدايات المناهج اللغوية ،ومفصلا العديد من الجوانب الإيجابيات، موضحا أهمية اللغة العربية من حيث كينونة اللغة العربية ذاتها من جانب وأهميتها في الإبداع بوصف النص لغة من جانب آخر..مؤكدا على أن لذة النقد في اكتشاف غياهب النص كبعد أول، وتوليد الدلالات وتقويض البنية كبُعد ثان يمكن من خلالهما استخراج كوامن النصوص وتحقيق البحث الألسني مختتما حديثه بالتأكيد على ضرورة المصالحة اللغوية التي من شأنها خلق تكاملية ترقى بالعملية النقدية، وتذكي جذوتها لمدها بالكثير من الروافد. بعد ذلك تناول الدكتور إبراهيم الشتوي( جدل التجديد : سؤالات التحول في الشعر السعودي) عبر مرور الشعر السعودي بمراحل متعددة منذ بداياته، وحتى يومنا هذا واقفا عند ما أورده الدكتور سعد البازعي في كتابه جدل التجديد، من خلال اعتبار التجديد والتقليد معبرة عن العلاقة بالآخر، عطفا على ما استطاعه الشعر السعودي من المحافظة على شخصيته، إلى جانب ما عبر عنه من رؤيته حيال الأشياء إضافة إلى ما تميز به من مواكبة الشعر لمظاهر التجديد في الشكل الشعري والقضية المتناولة..مستعرضا في عدة وقفات لمفهوم الشكل بوصفه جزءا من عملية التجديد، ولديه القدرة المستقلة لما يقوله النص صراحة، إلى جانب الوعي بما وصفه الشتوي بهجرة النظرية لدى إدوارد سعيد من تحول أو تغير يلحقها عند ظهورها في الثقافة الجديدة. (من اليمين) الدكتور البازعي ود.خوجة والدكتور جاسر الجاسر أما الدكتور سعد الرفاعي فقد تحدث في قراءة جديدة عبر " أبواب القصيدة " لسعد البازعي : قراءة نقدية تحليلية؛ عبر عدة محاور استهلها بقراءة قبل القراءة : وتتناول المنطلقات النقدية للناقد البازعي ، جاعلا من هذا التمهيد مدخلا لتتناول العتبات الأولى للكتاب..وصولا إلى قراءة مع القراءة، بوصفها القراءة التي تسير مع قراءات الدكتور البازعي للنصوص وفق رؤية توافقيه مع إضافة الجديد لها..ومنها إلى قراءة موازية للقراءة : وهي القراءة البعدية التي تنطلق من رؤية مغايرة للتعاطي مع النصوص الواردة في الكتاب... تلا ذلك مداخلة للمعقب على الجلسة الأولى الدكتور صالح معيض الغامدي الذي تلاه جملة من مداخلات الحضور وأسئلتهم.