المستقرئ لتاريخ الدولة السعودية يقف على حقيقة شاخصة للعيان تتمثل في التزام أئمتها وولاتها منذ انطلاقتها الأولى تطبيق شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإظهار معالمها، إيماناً منهم بالمنزلة العظيمة لهذه الشعيرة التي تمثل احدى الدعائم الرئيسة لقيام الدولة. ومن هذا المنطلق نرى أن ولاة أمرنا - يحفظهم الله - يفاخرون بإقامة هذه الشعيرة وعدها منقبة وهوية تميزت بها البلاد من غيرها، وترجمة ذلك جعلها ركناً من أركان الدولة، كما جاء في المادة (23) من النظام الأساسي للحكم، التي نصت على أن الدولة "تحمي عقيدة الإسلام، وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ويتجلى حرص القيادة على القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال التشديد عليها، فقد حث خادم الحرمين الشريفين أصحاب السماحة والفضيلة العلماء والقضاة، حين اجتماعه بهم، بعد صدور التعيينات الأخيرة بقوله – يحفظه الله: "إخواني.. أنتم الآن والحمد لله في الموقف الذي أراده الرب عز وجل لخدمة العقيدة، وخدمة الإنسان والأخلاق الإسلامية العربية، أتمنى لكم التوفيق، وأحب أن أذكركم أن موقفكم الآن موقف عظيم يقدره لكم إخوانكم شعب المملكة، ويطلب منكم أن تكونوا إن شاء الله عند حسن الظن فيكم. يا إخوان.. أنصحكم ونفسي بتقوى الله فوق كل شيء، وأوصيكم بخدمة العقيدة، وأوصيكم بأن لا تأخذكم في الحق لومة لائم، الحق فوق كل شيء، أرجوكم أن تبذلوا قصارى طاقتكم، وأوصيكم.. أهينوا النفس والشيطان لأنهما أماران بالسوء. وليس لدي أكثر مما أقوله لكم، تقوى الله، وإصلاح ذات البين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدر المستطاع، وأن تعملوا إرضاء لربكم فوق كل شيء وخدمة لدينكم ووطنكم". كما أكد سمو ولي العهد أن ما يقدمه ولاة الأمر في المملكة تجاه الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما هو واجب تفرضه تعاليم ديننا الحنيف ومقتضيات المصلحة العامة. يضاف لذلك تصدر الولاة للذود عنها والذب عن القائمين عليها كما قال سمو النائب الثاني - لبعض الصحفيين: "هل تعلمون ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ركن من اركان الاسلام؟ اذا كنا مسلمين يجب ان نعترف بذلك، اما اذا كنا غير مسلمين فالأمر مختلف". وهذا ما يؤكد بجلاء أن المملكة كانت وستظل - بإذن الله - حامية ومحققة لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ساعية في تطوير جهاز الهيئة. ويحمد للرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تبنيها تنظيم الندوة الأولى في تاريخ المملكة، التي تسلط الضوء على شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تحت عنوان: "الحسبة وعناية المملكة بها"، التي تأتي ضمن سياق الحراك التطويري المتسارع، الذي يشهده جهاز الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجال العناية بالبحوث والدراسات العلمية المتخصصة، التي تصب في خدمة الجهاز والقائمين عليه، وقد حققت هذه الندوة وما صاحبها من فعاليات أهدافاً سامية أبرزت ريادة الدولة وسعيها للنهوض بجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقائمين عليه، ونتطلع إلى أن تواصل الهيئة مسيرتها الخيرة في إقامة مثل هذه الندوات والمؤتمرات العلمية المتخصصة.