كان لي سابق تجربة لدراسة الدكتوراه خارج المملكة, وحين دخلت تلك الجامعة وهي تحمل اسماً مرموقاً وتمعنت كثيرا, وجدت أن المسألة لا تتعدى "بيعاً وشراءً" للأسف الشديد, ورفضت هذا المنهجية أو شهادة مدفوعة الثمن, ومن خلال ملاحظتي وجدت أن لدينا في بلادنا هوساً شديداً للحصول على شهادة دكتوراه سواء للرجل خصوصا أو المرأة, فالرجل لدينا لا يكتمل اللقب لديه إلا بحمل حرف الدال, وعرض أصدقاء وغيرهم كيفية الحصول على شهادة الدكتواره بأسهل الطرق حتى تكتمل "الصورة" والألقاب, وأصر أنني لا أبحث عن شهادة مدفوعة الثمن بأي حال من الأحوال, ألاحظ في الفترة الأخيرة كثرة الحاصلين على شهادات الدكتواره لدرجة أقدر معها أننا من أعلى الدول حصولا على شهادات الدكتواره في مجتمعنا، فقد أصبحت متاحة بصورة لم يسبق لها مثيلاً, ولا يعني أن من حصل أنه غير مستحق بالطبع، فالأكيد هناك المجتهد والذي بذل وعمل وهي موجودة, وهناك من سعى إليها لتزيين اسمه أو لأهداف أخرى. ما شدني خلال المرحلة السابقة أن أقرأ في الصحف عن بطالة أكثر من 1000 دكتورة, ومرة أيضا قرأت 3600 دكتورة وحاملة ماجستير عاطلة عن العمل, وأضيف من حصل على شهادة دكتواره في طب الأسنان ولم يجد عملاً, ومن حصل على دبلوم تمريض ولم يحصل على عمل, وأحد القراء أرسل لي أنه مهندس بترول ولم يجد وظيفة وغيره عشرات, حين نبحث ونفرز هؤلاء الحاصلين على شهادات علمية عالية وذات تخصص مهم ولم يحصلوا على عمل ما هي الأسباب؟ هل هي سبب نوعية الشهادة وجودتها؛ أي معترف بها أم لا؟ أم مجرد ورقة تسمى شهادة خاصة إن كان حصل عليها من الخارج؟ ولكن لماذا نجد دكتورة أو دكتوراً لا يجد عملاً لدينا ببلادنا وشهادته صادرة من بلادنا؟ وايضا أصحاب التخصصات الفنية والمهنية الطبية لا يحصلون على عمل؟ أستطيع القول إنه من الصعوبة جدا وجود كفاءة علمية لدينا ولا تحصل على عمل, إذاً فتش عن نوعية الشهادة أولا من أين صدرت, ثم ما هو التخصص الذي حصل عليه, فلن يوجد طبيب برأيي لا يجد عملاً لدينا إلا بخضوعه لفحص وتدقيق لشهاداته فبلادنا بأمس الحاجة له لا شك, وهذا لا يمكن الحديث عنه فمن سيرفض طبيباً وطنياً بشهادة معترف بها ومصنف؟ أما دكاترة الجامعات سواء كانوا رجالاً أو نساء خصوصا, فلماذا نستغرب بطالتهم؟ في ظل سعي الجميع وتسابق للحصول على الدكتواره التي أصبحت "برستيجاً" اجتماعياً خاصة حين تكون من أي تخصص أو أي نوع فالأهم شهادة, وفي ظل ظروف ضيق فرص العمل للمرأة وتوجههن للجامعات والعمل الأكاديمي سيكون من الطبيعي ندرة الوظيفة وضيقها فلماذا نستغرب ذلك, إذاً الخلل في التنوع والتخصص أنه محصور في نطاق ضيق. في النهاية أوجه رسالة لوزارة التعليم العالي , بالعمل على رفع شروطها وتشددها الذي لا يجب أن يلين لكل من يحصل على شهادة عليا, فقد اصبحت سوقا كبيرة ورائجة, وأدرك أن الوزارة لن تمنع هذا التدفق, ولكن ما يجب عمله هو التصنيف والاعتراف فيجب أن يكون بكفاءة وصرامة تامين, وألا يدخل هؤلاء سوق العمل ويكون ضررهم فادحاً, يجب تنقية وتصفية هذه النوعية التي لا يجب أن تكون في صلب العملية التعليمية أو أي جانب من جوانب العمل , وأن تترك شهاداتهم تزين مكاتبهم ومجالسهم لا غير.