أي زيارة يقوم بها رئيس امريكي لابد وأنها تتطلب تخطيطا دقيقا.. لكن انتقاله في جو من التكتم إلى افغانستان البلد الذي يخوض حربا ضد التشدد منذ ثمانية اعوام يمثل حالة خاصة.تحت جنح الظلام قام الرئيس الامريكي باراك اوباما أمس الأول الاحد بأول زيارة لكابول منذ توليه منصبه قبل 15 شهرا تقريبا ليطأ اخيرا الدولة التي يحتمل ان تحدد معالم رئاسته ولو على ساحة السياسة الخارجية على الأقل. ولأسباب امنية احيطت الزيارة بالتكتم الشديد. ووصل اوباما ليلا وغادر قبل ان تبزغ الشمس.وحظر على الصحافيين ابلاغ اي شخص عن وجهتهم مساء السبت وهم في الطريق لقاعدة اندروز الجوية حيث توجد طائرة الرئاسة. وعند الوصول للقاعدة نقلت اطقم وسائل الاعلام بحافلات إلى حظيرة الطائرات حيث تنتظر طائرة الرئيس (اير فورس وان).وعادة ما تقف الطائرة خارج الحظيرة انتظارا لوصول الرئيس ولكنها في تلك الليلة لم تبرح مكانها وخرجت في الظلام بعدما استقلها أوباما تجنبا لادراك اي عسكريين في القاعدة لحقيقة اقلاع الطائرة. بل إن اوباما نفسه دخل قاعدة اندروز في جو من التكتم.فبعد مغادرته البيت الابيض يوم الجمعة تحت "غطاء" تمضية عطلة نهاية الاسبوع في كامب ديفيد المنتجع الرئاسي حملته طائرة هليكوبتر إلى قاعدة اندروز مساء السبت ليقوم بزيارته.وكانت زيارة الرئيس الديمقراطي لكابول متوقعة منذ فترة منذ توليه الرئاسة مطلع العام 2009 وقال البيت الابيض ان الأحوال الجوية وأسبابا لوجيستية حالت دون القيام بالرحلة من قبل.وقبل اسبوع واحد فقط سنحت الفرصة. ألغى اوباما زيارته لاندونيسيا واستراليا كي يبقى في واشنطن اثناء تصويت مجلس النواب على خطة اصلاح الرعاية الصحية وهي من اولويات سياسته الداخلية والتي اقرت في نهاية المطاف. اتاح ذلك وقتا بل ومساحة سياسية لزيارة البلد الذي سيستضيف في نهاية العام نحو 100 ألف جندي امريكي يصله معظمهم اثناء ولاية اوباما. ومرت الرحلة الجوية إلى افغانستان والتي استغرقت أكثر من 12 ساعة سريعا. نام معظم المشاركين فيها في الجزء الاول منها. التقى مسؤولون عن الامن القومي بالبيت الابيض بالصحفيين في قاعة اجتماعات لاطلاعهم على الامر. وظل حاجب الضوء على نوافذ الطائرة طوال الرحلة.وفي حوالي السابعة والنصف مساء بالتوقيت المحلي هبطت طائرة الرئيس في قاعدة باجرام بسلاسة ودون مشاكل وسط الظلام.خرج اوباما من الطائرة وصافح مستقبليه ثم استقل طائرة هليكوبتر لقصر الرئيس حامد كرزاي في المدينة. وركب 14 صحفيا مرافقا للرئيس وبعض العاملين طائرة هليكوبتر عسكرية اخرى بينما وقف قناص عند نافذة الطائرة يتفحص الافق المظلم خلال الرحلة.وعقب الهبوط انتظر الصحفيون أن يأذن المتحدث الصحفي باسم البيت الابيض روبرت جيبز لهم بإعلان نبأ زيارة اوباما لافغانستان. وكان الصحافيون قد استعادوا اجهزة الهاتف المحمول واجهزة البلاك بيري على طائرة الرئاسة بعد تسليمها في وقت سابق في قاعد اندروز. وظل السر محفوظا. وحين اذيع النبأ كان اوباما يلتقي مع كرزاي في حديقة القصر ويقف تحت مظلة اثناء مراسم استقبال قصيرة. ثم دخل الرئيسان القصر وتوجه الصحفيون إلى قاعة يبدو انها اعدت لعقد مؤتمر صحافي واستدعي صحفيون محليون لم يتم ابلاغهم بهوية الضيف للقصر الرئاسي لتغطية الحدث. ولكن يبدو ان الرئيسين لم يرغبا في التعامل مع حشد كبير من وسائل الاعلام. غادر صحافيو البيت الابيض القاعة الكبيرة تاركين الصحافيين الافغان خلفهم ودخلوا قاعة اخرى حيث جلس اوباما وكرزاي. ثم القى الرئيسان بيانين مقتضبين. وعقب اجتماعه بحكومة كرزاي استقل اوباما ومرافقوه طائرتي هليكوبتر عائدين إلى باغرام. واضاءت الانوار سماء كابول وابلغ اوباما كرزاي ان انتشار الكهرباء في المدينة يبشر بحدوث تقدم. وفي قاعدة باغرام تحدث اوباما لحشد من العسكريين والمدنيين استمعوا اليه باحترام وأبدوا حماسة في بعض الأحيان إذ تعالت هتافاتهم حين وقف على المنصة ليلقي كلمة استغرفت 20 دقيقة ولكن بدا ان البعض فقد حماسته قبل نهاية كلمته. ثم صافح اوباما الجنود وبدا نشيطا ومرتاحا في سترته غير الرسمية. وبعد قليل استقل طائرة الرئاسة وسط قدر اقل من التكتم وإن كان تحت جنح الظلام أيضا إلى بريطانيا حيث اعيد تزويد الطائرة بالوقود قبل العودة إلى واشنطن. وانتهت الزيارة بعد أن قضى اوباما ست ساعات تقريبا في افغانستان.