في الوقت الذي لاتزال فيه الاقتصادات العالمية والأسواق المالية في بعض الدول الغربية تصارع من أجل الخروج من متاعبها، مع تحقيقها معدلات نجاح متباينة خلال الأزمة المالية العالمية، يبدو أن معاناة الاقتصاد السعودي أقل عموماً من الأزمات التي حلت ببعض الدول خاصة الخليجية منها ، حيث تبدو المملكة في وضع أفضل يدعو للتفاؤل بما يتعلق بالاستثمار الأجنبي المباشر والذي يتوقع أن ينمو بمعدل يزيد عن 20 بالمئة سنويا. وتوقع أمس مسؤولون ماليون أن يشهد الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية دفعة إضافية خلال العام 2010 بإضافة ما يزيد عن 20 بالمائة سنويا مقارنة مع العام 2009 ، حيث رأى طارق كابريت مسؤول الاستثمار في سيراج كابيتال أن هذه التوقعات المتفائلة تعود إلى الركود العالمي المستمر ، خاصة وأن الرساميل العالمية تتطلع إلى مصادر استثمار في أسواق بديلة تعوض عن العوائد المرتفعة التي تعودت الحصول عليها في السنوات الماضية". بينما أكد يحيى جليل رئيس قطاع الاستثمار في الملكية الخاصة في شركة المستثمر الوطني ، أن السنوات الخمس المقبلة ستشهد نمواً في الناتج المحلي السعودي بين 2.9 بالمائة و5.9 بالمائة وبمتوسط 4.5 بالمائة سنويا، مضيفاً ": ان السيولة هي ما يدفع هذا النمو، وهذه السيولة تأتي من عوائد النفط وتزايد أعداد المستهلكين." وتتزامن هذه التوقعات المتفائلة مع الخطط الاستراتيجية التي أقرتها السعودية لتصبح من بين قائمة الاقتصادات العشرة الأكثر تنافسية في العالم، وهو الأمر الذي حدث بالفعل ، حيث استطاعت المملكة خلال أقل من أربع سنوات ، الانتقال من المركز 67 إلى 13 في مؤشر البنك الدولي لسهولة الأعمال على مستوى العالم والمركز الأول على مستوى الشرق الأوسط. وتعزيزاً لهذه الخطط الاستراتيجية ، ينتظر أن تشهد الرياض منتصف الشهر المقبل عقد قمة آفاق الاقتصاد السعودي، التي تلتئم للمرة الأولى هذا العام بالتعاون الاستراتيجي مع الهيئة العامة للاستثمار، والتي ستبحث في فرص الاستثمار المتاحة في المملكة في قطاعات استثمارية مختلفة وفي قطاع الملكية الخاصة.وستنطلق القمة التي تدوم ثلاثة أيام بكلمة من براد بورلاند كبير الاقتصاديين والعضو المنتدب في جدوى للاستثمار السعودية، والدكتور خان زهيد كبير الاقتصاديين في الرياض كابيتال والدكتور خالد الطويل مستشارالاستثمار في الملكية الخاصة ومستشار سمو مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية ، إلى جانب عدد من مسؤولي الاستثمار في كبرى الشركات السعودية، كما سيشهد اليومان الثاني والثالث كلمة للدكتور أحمد هيكل المؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة القلعة بالاضافة الى اجتماعات ومداولات لعرض خبرات وتجارب المستثمرين خلال منتدى الملكية الخاصة ورأس المال المغامر. وكان استطلاع نشرته "الرياض" الأسبوع الماضي مع مجموعة من المحللون الماليون، قد خلص إلى أن الاقتصاد السعودي سيكون الأسرع نموا في العام الجاري من بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط وزيادة الانتاج الذي سيساعد على تحقيق هذا النمو، إلى جانب الاستفادة من الزيادات والاكتشافات الجديدة في الغاز الطبيعي، لكنهم أكدوا أن صعوبة التمويل ستصبح مصدر القلق الأكبر للحدّ من النمو الاقتصادي المتوقع. وتوقع المشاركون في الاستطلاع في ذلك الوقت ، أن يبلغ متوسط سعر النفط في عام 2010 نحو 75 دولارا للبرميل، مقارنة بنحو 62 دولارا للبرميل في عام 2009، خاصة مع بدء تعافي الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي من شأنه أن يساعد على دفع الانتعاش الاقتصادي للسعودية أكبر منتجي النفط في العالم.