بعد أن هدأت الملاسنات نوعاً ما بين قوقل والصين، عادت مرة أخرى للظهور على السطح من جديد. فقد بدأت هذه الملاسنات بشكل رسمي وعلني منذ شهر يناير الماضي وعلى أرفع المستويات الرسمية بين الطرفين، ولم تقف المناوشات عند هذا الحد، بل تعدت إلى أطراف أخرى، فقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن هذا تعدٍ على حرية المعلومات وحذرت منه، وقالت: ننتظر توضيحاً من الحكومة الصينية حول هذا الوضع. بدأت المشكلة عندما احتجت قوقل على تعرضها لهجمات إلكترونية قوية وتعرض عدد من عملائها في الصين للسطو على بريدهم الإلكتروني جي ميل، على إثر هذه الهجمات هدد عملاق البحث على الإنترنت بالانسحاب من السوق الصينية، كما أوقفت فلترة الإنترنت على نتائج البحث عن مواد حساسة بالنسبة للحكومة الصينية مثل الدالاي لاما وبعض المواد المتعلقة بحقوق الإنسان في الصين، كتحدٍ صريح وواضح من قوقل للصين بعدما طفح بها الكيل. قوة الصين العظمى لم تشفع لها بتحقيق الانتصار في هذه المعركة ضد شركة بحث لا تمتلك أي نوع من أنواع الأسلحة الفتاكة أو المتقدمة ولا جيشاً جراراً يشار إليه بالبنان. لأن هذه الشركة وإن كانت ضعيفة بمقاييس الحروب العسكرية تمتلك قوة أكبر، وهي قوة المعلومات التي تستطيع من خلالها بث الرعب في قلب التنين الصيني، كما أن هذه الشركة ترتكز على مبادئ أساسية في قوانين المعلومات وهي حرية المعلومات وخصوصية المستخدمين، هذه المفاهيم العالمية التي أصبح يطبقها كل مستخدم إنترنت حول العالم خصوصاً إذا ما علمنا أن الصين تمتلك أكبر قاعدة مستخدمي إنترنت في العالم والإضرار بهؤلاء المستفيدين كفيل بزعزعة الجبهة الداخلية في الصين، وهذا يشكل أكبر خطر يهدد أقوى أمن في العالم. من جانبها قامت شركة مايكروسوفت العالمية وهي قوة اقتصادية عالمية كبرى تستطيع التأثير على الساحة الاقتصادية أكثر بكثير من دول عديدة على خارطة العالم، قامت بدعم موقف قوقل من خلال تعهدها بإصلاح الثغرات الأمنية في برنامج ويندوز، بحيث تسد كافة الثغرات الأمنية في البرنامج حتى لا تستطيع الصين مهاجمة قوقل من خلالها، على الرغم من شراسة المنافسة بين الشركتين. لكنهما يرتكزان على مبادئ أساسية وقوية في قوانين المعلوماتية وهي حرية المعلومات وخصوصية المستفيد، وهو مرتكز قوي يحقق الانتصار لمن يعمل به سواءً كانت حكومة أو مستخدمي إنترنت. خلاصة القول لن تستطيع أي قوة في العالم مهما بلغت وقف تدفق المعلومات، والحل في نظري للوضع في الصين يكمن في سنِّ الأنظمة والتشريعات المعلوماتية التي تسد كافة الثغرات ومنها الجوانب الأمنية التي تشتكي منها الصين. * عضو مجلس الشورى