"البيكا" أو الوحام هو اضطراب يتميز بوجود الشهية إلى حد كبير بالنسبة للمواد غير الغذائية مثل المعادن كالعملات ، والصلصال ، والفحم ، والتربة ، والطباشير ، والورق ، والصابون ، والرماد ، والصمغ وغيرها أو وجود شهية غير طبيعية لبعض الأشياء التي يمكن أن تعتبر من مكونات الأطعمة كالدقيق والبطاطا النيئة ، والأرز الخام ، والنشا ومكعبات الثلج ، والملح. ولكي يتم تشخيص هذا الاضطراب يجب ان يستمر مع الطفل لأكثر من شهر حيث يمكن تشخيص هذا السلوك عند الطفل وقتها. " البيكا " هو اسم مقتبس من اللغة اللاتينية ويعني اسم طائر يشتهر بقدرته على أكل أي شيء بغض النظر عن طبيعة تلك المادة . يظهر مرض "البيكا " في كل الاعمار فهو لا يقتصر على الاطفال فقط خصوصا الاطفال المصابين بعاهات خلقية أو بعض الامراض النفسية بل نلاحظ ذلك في بعض الاحيان لدى النساء الحوامل. الاطفال الاقل من عمر سنة يتناولون او يضعون في كثير من الاحيان مواد غير غذائية في افواههم وهذا ليس ما نقصده في موضوعنا هذا لان تصرف هؤلاء الاطفال في هذا العمر ليس مرضيا ولكن ننظر لهذا التصرف انه غير طبيعي عندما لا يكون ملائما لعمر الطفل . يشيع ظهور " البيكا " خلال السنة الثانية والثالثة من العمر ويعتبر وجود ذلك غير ملائم لنمو الطفل ويعتبر مرضيا اذا كان سن الطفل اكبر من سنتين تقريبا. المواد الغريبة التي يأكلها الطفل تتراوح بين كل ما يصل إلى يده، خاصة مع قلة الإشراف والعناية به من والديه، وكلما كان الطفل أقدر على الحركة كلما استطاع الحصول على مواد أكثر والتهمها وربما أصابه الضرر من جراء تناول هذه المواد، وعادة يأكل الأطفال ما يصل إلى أيديهم مثل الملابس، المواد البلاستكية، الخيوط والشعر، الأوراق وكل ما يصل إلى يده من المواد التي عادة ما تكون تستخدم في المنزل وتترك في متناول الطفل. أعراضه "البيكا" عند الأطفال يمكن أن تؤدي الى اعراض خطيرة . فالمصابون الذين يتناولون الاسمنت او الجص المحتوي على الرصاص قد يعانون من تلف في الدماغ بسبب التسمم بالرصاص. كما ان الخطر مماثل من أكل التراب المحتوي على ايثيل الرصاص أو بعض التربة التي تحتوي على الزيوت الملوثة بمادة الديوكسين السامة أو ثنائي الفينيل متعدد الكلور. قد يؤدي التسمم بالرصاص الى اعراض عصبية كما انه يؤثر على الغدد الصماء والقلب والكلى والدماغ وتتفاوت الاعراض بين صداع وقيء الى نوبات تشنج وغيبوبة وتوقف التنفس في حين ان تناول جرعات عالية من الرصاص يمكن أن يسبب ضعفا فكريا وسلوكيا كبيرا مع مشاكل في التعلم. فقر الدم قد ينشأ بسبب التسمم بالرصاص وتشبه الانيميا في هذه الحالة الانيميا الذي يحدث بسبب نقص الحديد بالإضافة إلى التسمم هناك أيضا خطر أكبر بكثير يكمن في التهاب المعدة وانسداد الأمعاء أو تمزق في الجهاز الهضمي عموما كما ان الخطر وارد في ابتلاع مخرجات وافرازات الحيوانات والطفيليات التي قد تكون موجودة في التربة كما ان تأثيره السلبي يشمل الاسنان حيث يؤدي الى احتكاكها وتآكلها. مصدر التلوث أسبابه نتائج الابحاث العلمية التي تم القيام بها لمعرفة اسباب هذا الخلل عند بعض الاطفال لم تكن كافية بالقدر الذي يحدد الاسباب بشكل دقيق ولكن ما تم التوصل اليه ان الاطفال الذين يظهر لديهم هذا الاضطراب هم اصلا يعانون من نقص بعض الاملاح والمعادن وخاصة الحديد والكالسيوم والزنك وبعض الفيتامينات مثل فيتامين سي وفيتامين دي بسبب مشاكل في الجهاز الهضمي او سوء في التغذية وفي دراسات اخرى تم الربط بين " البيكا" وبعض الامراض النفسية مثل الوسواس القهري والصدمات النفسية كذلك تظهر لدى الاطفال الذين يعانون من الحرمان ، انفصال الوالدين ، الاهمال واساءة معاملة الطفل. انتشاره قليلة هي الدراسات التي أجريت لقياس مدى انتشار "البيكا " في مختلف فئات الاعمار . دراستان أجريتا على النساء الحوامل في عام 1990م حيث وجدتا ان معدلات وجود هذا الاضطراب عند النساء الحوامل في المملكة العربية السعودية 8.8 ٪ بينما كان معدل انتشاره عند النساء الحوامل في الولاياتالمتحدةالامريكية 8.1 ٪ ويرجح ان انتشاره بين النساء الحوامل في الدول النامية يمكن أن يكون أعلى من ذلك بكثير . ينتشر هذا الاضطراب بصورة متساوية بين الاطفال الذكور والاناث ولكن يندر وجوده بين المراهقين والذكور البالغين . ابحاث اخرى تشير الى ان 25% - 33% من الاطفال الصغار يعانون من تناول الاشياء غير المأكولة كما انه يشكل مانسبته 20% في الاطفال الذين يعانون من مشاكل فكرية. التشخيص فيما يتعلق بتشخيص اضطراب البيكا فإن هناك بعض المعايير والتي يجب توفرها في الشخص حتى يتم تشخيصه بأنه يعاني من هذا الاضطراب وهي: * الأكل المستمر لمواد غير مقبولة وغير صالحة للأكل لمدة لا تقل عن شهر * أكل مواد ضارة وغير قابلة للهضم ولا تتناسب مع عمر الشخص وتؤدي إلى التأثير على نموه. * تناول هذه المواد غير مقبول اجتماعياً وثقافياً في تلك المجتمعات التي يعيش فيها الطفل * إذا كان الشخص الذي يقوم بهذا السلوك في الأكل يشكو من أمراض أو اضطرابات نفسية أو عقلية مثل التخلف العقلي فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار هذا الاضطراب، ويجب أن يتم الاهتمام به. العلاج يتم التعامل مع الحالة استنادا الى عمر المريض وحالته العامة من الناحية الطبية ، النفسية ، الاجتماعية والبيئية كما ان توجيه الأسرة لطريقة التعامل مع الطفل له اهمية كبرى بعد دراسة الحالة الاجتماعية للطفل . هذا النهج الأولي غالبا ما ينطوي على بعض الفحوصات لاستبعاد الاسباب العضوية المرضية وبالتالي معالجة أي قصور في الاملاح والمعادن ان لزم الامر. العلاج السلوكي والنفسي والاجتماعي والتوعية والدعم تخفف من أعباء وضغوط الاضطرابات الصعبة. المرض يختلف من حالة إلى أخرى فعند بعض الأطفال يتم الشفاء التام من المرض عند المراهقة وكذلك إذا كان مصاحباً بالحمل حيث ان المرض أو نوبات الأكل غير الطبيعي للمواد غير القابلة للأكل مثل الطين أو الكتل الرملية المتجمدة ينتهي بنهاية الحمل. بعض الأدوية قد تكون مفيدة في الحد من السلوك الشاذ في الأكل عند مثل هؤلاء الاطفال إذا كان ذلك قد تسبب في خلل في نمو الطفل . هذه الأدوية تعمل على تحسين أداء الدوبامين ، وهو ما يعتقد أن له علاقة مع وقوع اضطراب " البيكا " كما يجب الاهتمام ومراقبة الطفل وتدريبه على التمييز بين العناصر الصالحة للأكل وغيرها.