أقامت اللجنة الثقافية في نادي القصيم الأدبي محاضرة للدكتور معجب بن سعيد الزهراني، أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك سعود مساء يوم الأحد 14/3/1430 ه ، وذلك بقاعة المحاضرات في مقر النادي ببريدة تحت عنوان « صورة المرأة عند ابن حزم والغزالي وابن رشد » ، وأدارها الدكتور عبدالله البريدي . واستعرض المحاضر الدكتور الزهراني في بداية المحاضرة تصورات الأئمة الثلاثة وموقفهم الفكري تجاه المرأة، موضحا أن بحثه جاء نتيجة سماعه رأياً للباحث أبي بكر عبدالقادر يصف فيه الإمام أبا حامد الغزالي بأنه صاحب فكر حضاري مما استفزه للتنقيب بعمق وشمولية عن صورة المرأة في فكر الغزالي . ويؤكد الدكتور معجب الزهراني بأن الإمام أبا حامد الغزالي لا يتحدث عن المرأة إلا بمضمون احتقاري عدائي خصوصا في كتابه ( البتر المسبوك في نصيحة الملوك ) وغيره من العبارات والنصوص التي بثها في بعض كتبه، وذكر المحاضر أن الغزالي يصف النساء بطباع الحيوانات مستدلا ببعض نصوصه التي يحط بها من قدر المرأة ويسخر منها ويضعها في منزلة بهيمية، معتبرا تلك القناعات من الصور الراسخة عند أبي حامد من خلال نصوص مختلفة تشنع وتحط من قدر المرأة، موضحاً أن هذه العبارات المسيئة والمشنعة بحق المرأة نقلها الغزالي من كتب التوراة. وتساءل د.معجب الزهراني لماذا بثها الغزالي مادام أنه يعلم أنها في التوراة ، واستغرب كيف تصدر مثل هذه الأوصاف من إمام يصنف بالحجة عند المسلمين ، وأشار إلى أن أسلوب الغزالي في المعرفة هو أسلوب إرشادي تعليمي، واعتبر المحاضرُ الغزاليَّ الذي ساق بعض نصوصه بأنها تكشف عن مرض لديه، ويعتقد المحاضر أن الغزالي لا يجهل أن مرجعية هذه الأفكار غير إسلامية وهو يعلم أنها منافية لنصوص القرآن وصحيح السنة اللذين كرما المرأة، مؤكدا أن هذه الأفكار ما هي إلا سمة من سمات الفكر الصغير ولا يمكن لها أن تنسجم مع روح الشريعة ومعاملة الرسول لزوجاته ، فالغزالي كما يقول المحاضر يتحدث عن المرأة وكأنها مخلوق مصيره العذاب وأداة تستحق الهلاك وهو ينظر إليها بأنها موضوعة للشهوة، ويصف الدكتور الزهراني منطق الغزالي بالمنطق الذي لم يكن شائعاً حتى عند الجاهليين . أما ابن حزم الأندلسي فيقول عنه الدكتور معجب الزهراني بأنه الرجل الذي يؤسس لفكر المحبة، فابن حزم يستفيد من الفكر الفلسفي في مواقفه ويعززها بالأحاديث النبوية التي ترفع من قدر علاقة المحبة، ويرى أن تربية ابن حزم على يد النساء وظروف نشأته التي تميزت بالرخاء أثرت على إنتاجه فأصبحت صورة المرأة عنده إيجابية، وهو بخلاف الغزالي، فقد أسس لفكر يعلي من قيمة المرأة، وهو أقرب إلى المرجعية الإسلامية . أما عن ابن رشد فيقول د. الزهراني بأن غياب قضية المرأة عن الجذر المعرفي القديم لم يمنع ابن رشد من أن يكتب عنها قريبا مما يكتبه المفكرون بهذا العصر لصالح المرأة، ويشير إلى أن ابن رشد لم ينشغل بقضايا المرأة لكنه كتب عنها ثلاثة عشر سطرا حاول أن يؤسس بهذه الأطروحة فكرا جديداً، وهو يعتمد على مبدأ التذكير بالبديهيات، فابن رشد يصف النساء بأنهن يشتركن في الأفعال الإنسانية ويتمتعن بالكفاءة ذاتها ويمكنهن أن يؤدين الأعمال نفسها، كما أنهن أحياناً أكثر حذقاً من الرجال في بعض المجالات خصوصا فيما يتعلق بتكوينهن أو الأعمال الموكلة لهن، ولا يمتنع أن يكون بينهن حكيم. وينقل المحاضر عن ابن رشد قوله إن حرمان المرأة من إطلاق يديها للتحليق نحو الإبداع جعلها أسيرة لأمور هامشية في الحياة ، وأن الكفاءة العليا تضمر عند المرأة حين تهمل أو لايتاح لها الانطلاق، ويصف المحاضر أفكار ابن رشد بالصالحة التي يجب أن نحاول الاستفادة منها، ودعا في ختام محاضرته باستبدال الأفكار والتصورات عن المرأة السائدة لدى بعض دول العالم بأفكار أكثر انفتاحا وأفقا دون الوقوع في أسر الموروث أو الحاضر .