يقاس أداء قطاع الإسكان عبر العديد من المؤشرات ، من بينها عدد رخص البناء للمنشآت السكنية التي تصدر سنوياً من الأمانات والبلديات ، فهذه الرخص هي مما يمكن أن يعتد به في معرفة نبض وتدفق الحركة في شرايين هذا المجال الاقتصادي الذي يمر بمرحلة حرجة حالياً . فمن خلال تتبع هذا الجانب على مدى العشر سنوات الماضية كإطار زمني متوسط المدى ، نجد أن رخص البناء للمنشآت السكنية في كافة مناطق المملكة قد تضاعفت من ما يزيد على اثنين وعشرين ألف رخصة في بداية تلك الفترة الزمنية إلى ما يفوق خمسة وستين ألف رخصة حالياً بمعدل نمو يبلغ حوالي 9.6 % سنوياً ، احتلت الصدارة كما هو متوقع منطقة أو بالأحرى مدينة الرياض ، بمقدار يزيد على ثمانية عشر ألف رخصة سنوياً ، بينما جاءت منطقة الباحة في ذيل القائمة بمقدار يزيد قليلاً عن خمسمائة رخصة سنوياً . وعلى الرغم من إتيان منطقة الرياض في المرتبة الأولى من حيث إجمالي عدد رخص البناء السكنية إلا أنها لم تكن كذلك من حيث معدل النمو على مدى تلك السنوات العشر الماضية ، حيث تقدمت عليها منطقة حائل في هذا المجال ، فقد نمت أعداد رخص البناء السكنية في هذه المنطقة خلال تلك الفترة من حوالي ستمائة رخصة إلى ما يزيد على خمسة آلاف رخصة سنوياً ، بينما تراجعت منطقة مثل عسير إلى المرتبة الأخيرة من حيث نمو عدد رخص البناء السكنية سنوياً ، بالرغم من أنها تأتي رابعاً من حيث عدد السكان بين كافة مناطق المملكة ، وتمثل 7 % من إجمالي أولئك السكان . وحين نقارن بين معدل النمو السكاني في المملكة الذي يبلغ 2.3 % سنوياً ، وبين النمو في عدد رخص البناء السكنية ، الذي يعكس عدد الوحدات السكنية التي يحتاجها بشكل أساسي هذا النمو السنوي في عدد السكان ، نجد أن ذلك النمو السكاني قد دفع لنا في آخر تقدير سنوي لعدد سكان المملكة ما يزيد على خمسمائة وخمسين ألف نسمة ، وهو المقدار الذي يتطلع أن يوفر له ما يزيد على التسعين ألف وحدة سكنية ، بينما نرى حين الرجوع لرخص البناء السكنية التي صدرت متزامنة مع ذلك ، أنها لا تكاد تزيد قليلاً على الخمسين ألف وحدة سكنية ، مما يعني وجود عجز يتجاوز الأربعين ألف وحدة سكنية خلال عام واحد فقط ، ينشدها وبإلحاح شديد ذلك النمو في عدد السكان ، وهذا العجز الذي يتوالى سنوياً هو ما يفضي في نهاية الأمر إلى تفاقم مشكلة السكن عاماً بعد آخر . إن مما يمثل حداً أدنى من الجوانب الإيجابية في تلك المؤشرات لرخص البناء السكنية خلال تلك الفترة الزمنية هو نمو معدلاتها في مدن متوسطة بمناطق مثل حائل والقصيم والحدود الشمالية ، حيث يعكس ذلك إلى حد ما بوادر تنمية ونمو متزايد في عدد السكان بتلك المناطق ، وتخفيف معدلات النمو العالية في المدن الكبرى ، وكذلك تقليل التكاليف في بناء الوحدات السكنية ، حيث تتميز المدن في تلك المناطق بانخفاض تكاليف أسعار الأراضي بها ، مقارنة بأسعار الأراضي السكنية في مدن مثل الرياضوجدة وحاضرة الدمام .