يعتقد أطباء أن تحولاً جذرياً في علاج كسور العظام قد يحدث بفضل عقار من شأنه جبر ما انكسر من عظام الأشخاص الكبار بنفس سرعة تعافي عظام الأطفال الصغار. فقد توصلت دراسة أجريت في هذا الصدد إلى أن الكشف الجديد المتمثل في استخدام عقار «تيريباراتايد (teriparatide) من شأنه أن يزيد سرعة برء العظام المكسورة وأن يزيل الآلام المصاحبة للكسر. ووصف الباحثون بعض حالات الشفاء والبرء التي حدثت بعد استخدام العقار بأنها أعجوبة، وذلك أن مرضى مقعدين وملازمين للكراسي المتحركة بسبب الكسور المستديمة تمكنوا من المشي بأرجلهم مرة أخرى. ويقول الباحثون إن العقار المستخدم أصلاً لمنع ومقاومة هشاشة العظام من شأنه أيضاً أن يحدث تأثيراً بالغاً في علاج كسور العظام. ويمكن استخدام العقار المذكور على هيئة حقن منزلية بمعدل مرة واحدة في اليوم لتقويم العظام وجبر كسورها وبصفة خاصة تلك التي كانت مقاومة للعلاج أو التي لا يرجى برؤها وكذا الكسور العامة المؤلمة التي لا يوجد لها في الوقت الحالي علاج سوى ترك أمر للطبيعة لكي تأخذ مجراها. ولئن كان من المحتمل أن يكون المتقاعدون ومن هم في منتصف العمر من أكبر المستفيدين من هذا العلاج لأن العظام تفقد قدرتها على البرء والالتئام في مثل هذا العمر، فإن لاعبي كرة القدم المحترفين والجنود وغيرهم ممن يحتاجون لاستعادة لياقتهم البدنية بأسرع فرصة ممكنة سيجدون أيضاً أن العقار مفيد لهم. وتشير الدراسات إلى أن العقار المذكور والذي يعرف أيضاً بمسمى (فورستيو «Forsteo») يزيد من إنتاج الخلايا الجذعية – وهي الخلايا «الرئيسية» التي تستطيع التحول إلى أنواع أخرى من الخلايا بما في ذلك خلايا المادة العظمية والغضروفية. ويقول الباحث الدكتور جيه إدوارد بوزاس: «في العديد من الأشخاص يفقد الهيكل العظمي قدرته على علاج العظام وإصلاح نفسه مع تقدم العمر. ومن خلال توخي الحرص والعناية في استخدام هذا العقار نعتقد أننا قد وجدنا ضالتنا وعثرنا على طريقة لإعادة عقارب الساعة لعلاج الكسور من علاج بسيط بالخلايا الجذعية الموجودة داخل جسم الإنسان». وكان الباحثون في المركز الطبي لجامعة روكستر في ولاية نيويورك قد تنبهوا للفوائد الكامنة في العقار عندما عالجوا مرضى مصابين بهشاشة العظام أو العظام سريعة الانكسار. وتقول الدكتورة سوزان بوكاتا في هذا الخصوص: «كان لديَّ بعض المرضى المصابين بهشاشة العظام ويعانون من آلام حادة من جراء كسور متوسطة عبر العمود الفقري والحوض وقد صرفت لهم عقار تيريباراتايد. وعندما راجعوا العيادة مرة أخرى للمتابعة بعد ثلاثة أشهر كان من المذهل أنه لوحظ ليس فقط وجود تحسن ملحوظ في برء الكسور وإنما أيضاً زال منهم الألم تماماً وهي تجربة جديدة وجدت ترحيباً من قبل العديد من هؤلاء المرضى». وقد جرب الباحثون العقار على 145 مريضاً ومريضة بكسور غير قابلة للبرء والالتئام في الضلوع والأفخاذ ومفاصل الأوراك والحوض وأعضاء أخرى بالجسم. وكان نصفهم يعاني من آلام ظلت تقض مضاجعهم لفترة لا تقل عن ستة أشهر. وفي اجتماع انعقد مؤخراً لجمعية بحوث أمراض العظام، أفاد متحدثون بأنه وبعد فترة تراوحت بين شهرين وثلاثة أشهر من الحقن بالعقار، برئت نسبة 93% من الكسور كما أن الألم خف بصورة ملحوظة. وقد تثبت قدرات العلاج بالعقار أنها مفيدة بصفة خاصة للكسور التي تحدث في الحوض والترقوة والكسور الأخرى التي لا يوجد لها في الوقت الحالي علاج سوى التوكؤ على عكازتين أو استخدام الدعامات أو مسكنات الألم. واستطردت الدكتورة سوزان تقول: «من ناحية نموذجية يستغرق كسر الحوض ما بين ثلاثة إلى أربعة شهر لكي يبرأ ويلتئم. وخلال هذه الفترة يعاني المرضى من آلام مبرحة لأنه لا توجد أجهزة طبية أو معالجات أخرى يمكنها تخفيف الألم. لك أن تتخيل لو أننا سوف نعطي المرضى ما يختصر وقت الشفاء ويخفف الألم وعدم القدرة على الحركة بمقدار النصف. هذا هو بالضبط ما أحدثه هذا العقار في البحث المبدئي الذي أجريناه». ويعكف الفريق حالياً على مقارنة العلاج بالعقار لمدة أربعة أشهر لمن يعانون من كسور في الحوض مع مجموعة أخرى تتناول عقاراً يستخدم لأغراض المقارنة. بيد أن الحاجة لإجراء المزيد من التجارب التطبيقية تعني أن هذا العقار تفصله مدة ست سنوات تقريباً من الاستخدام العادي لتجبير الكسور وتقويم العظام. وقد تحدث الدكتور كلير باورنغ من الجمعية الوطنية لأمراض العظام قائلاً إن كسور العظام تؤثر تأثيراً بالغاً على مستوى حياة من يعاني منها – ذلك أن نصف من كانوا في السابق قادرين على المشي والحركة سوف يصبحون في حاجة لمن يساعدهم ويتعهدهم بالرعاية خلال الأشهر الاثني عشر الأولى بعد الإصابة بكسر في الفخذ كما أن ثلث هؤلاء الأشخاص سوف يعانون من مشاكل في النوم بسبب الألم الممض. وأكد أن الجمعية ترحب بأي بحث من شأنه مساندة من يعانون من الآلام المبرحة من جراء الكسور في العظام ومساعدتهم على استعادة استقلاليتهم واعتمادهم على أنفسهم.