حققت البنوك السعودية خلال الأعوام الماضية عدة نجاحات متتالية في مجالات تطوير الكوادر البشرية، وتطوير التقنيات المصرفية، وكذلك في مجال رفع كفاية رأس المال، وفي مجال العوائد المجزية لعملائها. وعلى الرغم من تلك النجاحات المتحققة، غير أنه كان هناك تخوف من بعض المحللين والاقتصاديين من تأثيرات الأزمة المالية وانعكاساتها على السوق المصرفية السعودية، والتي كان يتوقع ظهور نتائجها بوضوح على البنوك خلال العام الماضي 2009م، ولكن البنوك السعودية أعلنت مع نهاية العام الماضي تحقيق أرباح قياسية تجاوزت 25 مليار ريال، على الرغم من اقتطاعها لمخصصات مالية كبيرة من أرباحها نهاية العام 2008م، والعام الماضي 2009م، لصالح محفظتي الاستثمار والقروض. ويتوقع أن تظهر النتائج الإيجابية للسياسة المتحفظة للبنوك السعودية خلال العام الجاري 2010، مع تراجع المخاطر المالية في الأسواق الدولية، ووجود سيولة مالية لدى البنوك تصل إلى 160 مليار ريال يمكن توظيفها داخل الاقتصاد المحلي متى ما عادت وتيرة الإقراض إلى حالتها السابقة، وتوقعات بتحقيق الاقتصاد المحلي نمواً يصل إلى 3.5%. وكان رئيس مجلس إدارة بنك "ساب" السعودي، الشيخ خالد العليان رجح نهاية الشهر الماضي أن تنخفض نسب المخصصات التي ستجنيها البنوك السعودية العام الحالي 2010م مقارنة بما كانت عليه في 2009، وقال إن العام الحالي بدأ يشهد بداية الخروج من عنق الزجاجة. وتوقع العليان أن يعود سوق الائتمان إلى الانتعاش قريباً، معتبراً أن التهم التي تكال إلى البنوك السعودية بشأن التشدد والإحجام عن تقديم القروض "مبالغ بها". سعيد الشيخ كما أوضح الدكتور سعيد الشيخ، كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي، وعضو مجلس الشورى، أن البنوك السعودية واجهت خلال العام الماضي ونهاية العام الذي قبله الأزمة المالية وانعكاساتها ووضعت المخصصات الضرورية للمحافظة على مركزها المالي. وقال إنه على الرغم من وضع البنوك مخصصات مالية كبيرة لمواجهة أي تعثر في محفظتي الاستثمار والقروض، فقد استطاعت تحقيق أرباح تعتبر قياسية في ظل الوضع الاقتصادي الذي شهده العالم، حيث تجاوزت الأرباح المجمعة للبنوك السعودية نحو 25 مليار ريال. وأكد على أن النتائج المالية للبنوك السعودية ستكون خلال العام الجاري أفضل من العام الماضي والذي قبله، وأنها ستحقق عوائد جيدة، في ظل التحسن المتوقع لمعدلات النمو للاقتصاد المحلي، والذي يتوقع أن يصل خلال العام الجاري نحو 3.5%. وبين أن البنوك لديها سيولة عالية تصل إلى نحو 160 مليار ريال منها نحو 70 مليار ريال، فائض سيولة تحتفظ فيها البنوك لدى مؤسسة النقد العربي السعودي، وباستطاعتها توظيف تلك السيولة في السوق المحلية متى ما عادت وتيرة الإقراض إلى عهدها السابق. وتتفق رؤية الدكتور سعيد الشيخ مع التقارير الدولية لبعض وكالات التصنيف العالمية التي ترى أن البنوك السعودية سيكون لديها فرصة أفضل خلال العام الجاري في تحسين موازناتها وتحقيق معدلات نمو جديدة، فقد قالت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني أن أداء البنوك السعودية سوف يتحسن في العام 2010م مع تحسن متوقع في اقتصاد المملكة. كما توقعت أن تسجل مستويات الإقراض نمواً جيداً على الرغم من أنها لن تعود إلى المستويات التي كانت عليها في عام 2008. الدكتور عبدالوهاب أبو داهش وأضافت "فيتش" أن التصنيف الائتماني للبنوك التجارية الرئيسية العشرة في السعودية يبقى الأفضل على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. وأبقت "فيتش" على نظرة مستقرة تجاه المصارف السعودية التي قالت "انها تتلقى دعماً من الحكومة السعودية"، وأشارت إلى أن تقييمها يبقى مستقراً عند (AA-) ولا يبدو أنه سيشهد أي تغيير. ولاحظت "فيتش" أن أكبر خمسة من بين البنوك العشرة الرئيسية في المملكة، حققت ارتفاعاً في صافي الدخل خلال العام الماضي 2009م، لكن النمو الإجمالي في صافي دخل البنوك السعودية العشرة ظل راكداً في 2009م. من جهته رجّح المحلل الاقتصادي، الدكتور عبدالوهاب أبو داهش، أن يشهد العام الجاري إعادة جدولة لمديونيات عدد من الجهات أو بيوتات المال التي تعرضت للازمة المالية العالمية، وعليها قروض مستحقة للبنوك. وقال ان هناك تخوفا أن ينعكس تعثر بعض الشركات الخليجية التي تعرضت للازمة المالية العالمية على أداء البنوك، وأنه يجب ألا يكون هناك إفراط في التفاؤل في أن الاقتصاد المحلي تجاوز آثار الأزمة المالية العالمية، غير أنه أكد أن البنوك السعودية استطاعت تجاوز الأسوأ في موضوع الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على أداء البنوك.