تضاعف خلال السنوات الأخيرة عدد المصابين بالحساسية الغذائية، ورغم خطورتها الصحية حيث قد تؤدي في بعض الحالات إلى أعراض خطيرة تصل إلى خطر الوفاة، إلا إنها لم تلاقي الاهتمام الكافي من قبل المجتمع أو من قبل القائمين على الشؤون الصحية، وتُصنف منظمة الصحة العالمية الحساسية الغذائية في المرتبة السادسة من بين أكثر المشاكل التي تصيب المجتمع، وتشير الإحصائيات أن حوالي 3% من البالغين و 10% من الأطفال مصابون بالحساسية الغذائية. أسباب الإصابة بالحساسية الغذائية رغم أهمية التطور في حياة الإنسان، إلا أن ذلك لم يخلو من الخطر، وتشير لائحة الاتهام إلى زيادة التعرض للإصابة بأمراض الحساسية بسبب استهلاك الوجبات السريعة الغنية بالمواد المضافة، وإلى استعمال المبيدات الكيميائية للمحاصيل الزراعية، والمواد الكيميائية في الصناعات الغذائية كالمواد الحافظة والملونات والنكهات الصناعية. كما نتج عن الانفتاح العالمي بين الدول إلى استهلاك مواد غذائية جديدة من توابل وخضروات وفاكهة وغيرها.. لم تكن موجودة في بيئته، مما نتج عنه التعرض للحساسية الغذائية. أعراض الحساسية الغذائية يحارب جسم الإنسان بشكل طبيعي أي مادة غريبة تدخل الجسم، وفي حالة الحساسية من مادة غذائية معينة، فسيبدأ جهاز المناعة معاملة المادة الغذائية كجسم غريب، فينتج عن ذلك ردود فعل تظهر على شكل عوارض مختلفة تصيب مناطق عدة في الجسم، فقد تصيب البشرة على هيئة حكة أو انتفاخات على الجلد، أو تصيب الجهاز التنفسي، أو تصيب الجهاز الهضمي، وقد يصاب المريض بالحساسية بأعراض خطيرة، مثل التورمات في الجسم، خاصة في الرئتين، مما يصعب معه التنفس، فيتعرض للدوخة والإغماء، وفي هذه الحالة يجب طلب الإسعاف فورا للمريض حيث إن عدم تدارك المريض أو التأخر في علاجه قد يؤدي إلى الوفاة لا سمح الله. الفول السوداني ومن أهم الأغذية المتهمة بالإصابة بالحساسية هي (البيض، الفول السوداني، حليب البقر، وطحين القمح، والسمك بعض الأغذية البحرية والمكسرات وفول الصويا وبعض الفاكهة مثل الكيوي والفراولة ..) التشخيص والعلاج يصعب تشخيص الحساسية الغذائية، ويلعب الدور الوراثي دورا هاما، وعادة يمكن أن يتعرض الإنسان للإصابة بالحساسية الغذائية بنسبة 20%، إلا أنها ترتفع نسبة إمكانية الإصابة إلى 60% إذا كان أحد الوالدين مصابا بالحساسية الغذائية، وإلى 40% إذا كان أحد الأقارب يشكو من الحساسية الغذائية. قد يقف المصاب حائرا في التعرف على أسباب إصابته بالحساسية، ولذا ننصحه باتباع بعض الخطوات لكي يستطيع التعرف على الأسباب، ولعل أهم الطرق هي تسجيل المصاب لأنواع الأغذية المتناولة بشكل يومي في سجل خاص، بحيث يرجع لهذه القائمة عند تعرضه للحساسية، كما يمكن الاستعانة ببعض تحاليل الدم والجلد لتحديد نوع الحساسية. بعدها يمكن الابتعاد عن الأطعمة المشكوك بها، ويجب الانتباه إلى أن الحساسية قد تكون من غذاء أو أكثر، كما قد تحتوي بعض الأغذية المصنعة أو المعالجة (مثل البسكويت والكيك والمعجنات والحلويات...) ضمن مكوناتها مركبا أو أكثر قد يتسبب في الحساسية مثل القمح والبيض والحليب وفول الصويا والفول السوداني والفستق والشوكولاته ... الأطفال والحساسية الغذائية يتعرض الأطفال بشكل كبير للحساسية الغذائية بسبب عدم اكتمال جهاز المناعة، فيجب أن يحرص الوالدان على أن يتناول أطفالهم الأغذية المناسبة، فمن أهم أسباب تزايد الحساسية الغذائية عند الأطفال الرضع هو إطعام الطفل بأنواع مختلفة من الأغذية قبل بلوغ شهرهم السادس، ولقد كانت من أهم توصيات منظمة الصحة العالمية واليونيسيف هي الرضاعة الطبيعية والاقتصار عليها لمدة ستة أشهر من بداية الساعة الأولى من حياة الطفل، والاقتصار على الرضاعة الطبيعية، وذلك يعني أنّ الطفل لا يتلقى إلاّ حليب الأمّ دون أيّة أغذية أو مشروبات إضافية، بما في ذلك الماء، فحليب الأم هو أوّل غذاء طبيعي يتناوله الرضّع، ليوفّر كل ما يلزم للرضيع من طاقة وعناصر مغذية في الأشهر الأولى من حياته، كما يستمر ذلك الحليب في تغطية نحو نصف احتياجات الطفل التغذوية أو أكثر من ذلك خلال الشطر الثاني من العام الأوّل، ونحو ثلث تلك الاحتياجات خلال العام الثاني من حياته (ويمكن إعطاء الرضّع القطرات والمحاليل من الفيتامينات والمعادن والأدوية عند الضرورة وتحت إشراف الطبيب فقط). فحليب الأم هو الغذاء الأمثل لنمو الرضّع ونمائهم بطريقة صحية. علما بأن من أهم الأغذية المسببة للحساسية للطفل في عامه الأول، هي البيض وحليب البقر، وطحين القمح،والمكسرات مثل زبدة الفول السوداني، بينما يُضاف السمك والخردل بين عمر السنة والثلاث سنوات. حليب البقر وتعتبر حساسية الطفل ضد حليب الأبقار من أكثر أنواع الحساسية شيوعا، حيث قد يصاب الطفل بالتشنجات الهضمية والإسهال، وربما الطفح الجلدي وقد تزيد الأعراض حدة، معرضة الطفل لخطر الموت المفاجيء. لذلك يجب الاهتمام بالرضاعة الطبيعية أطول فترة ممكنة، والاستعانة بأنواع الحليب المخصصة للأطفال عند الاضطرار لتوقف الرضاعة. بينما يعتبر بياض البيض هو المسبب لحساسية الطفل للبيض، لذلك توجب على الوالدين عدم تغذية أطفالهم بياض البيض أو الأغذية المركبة التي تحتوي على بياض البيض (مثل البسكويت والكيك..) قبل بلوغ الطفل السنة الأولى، ثم يمكن تناوله بحذر وبكمية بسيطة ومتدرجة للتأكد من عدم وجود حساسية للطفل. كما تلعب العادات الغذائية دورا مهما في عدم تعرض الأطفال لأمراض الحساسية ، فتجنب الوجبات المعلبة والوجبات السريعة وتعويد الأطفال منذ الصغر على الأغذية المنزلية التي لم تتعرض للمضافات الغذائية والتلوث الكيميائي لها دور رئيسي في تجنب الإصابة بالحساسية. وعادة يمكن أن يتجاوز بعض الأطفال الحساسية من البيض والحليب بعد بلوغهم السادسة، بينما تظل الحساسية ضد السمك وحبوب النقل (المكسرات) تلازمهم طوال حياتهم. البيض السمك