سافر سلطان، عاد سلطان، مَرِض سلطان، تعافى سلطان، عبارات ترددت على ألسنة الناس لأكثر من عام مرّ ثقيلاً على الناس حتى مساء يوم الجمعة 24/12/1430ه عندما فرح الناس واغتبطوا بعودة وعافية سلطان الخير، وتوجهوا إلى المطار زُرافات ووحدانا ليكونوا في استقبال هذا الأمير السلطان.. ولا أشك أبداً أن الغيبة ازدادت فراقاً عندما لزِم سلمان أخاه سلطان فكان الفقْد لهما كبيراً، والشوق لهما أكبر. إنها فرحةٌ مشروعة بقدوم رجلين من الرجال المخلصين لهذه البلاد، فرحةٌ ترسم لوحة الوفاء والولاء بين أبناء هذه البلاد المباركة وقادتها حفظهم الله، فرحةٌ تُظهر بجلاء اللُحْمة التي يجتمع فيها الناس على محبة ولاة أمرهم والنصح لهم، فرحةٌ تجعلنا نهنئ أنفسنا فرداً فرداً وقبل كل أحد بمقدم سمو ولي العهد الأمين وأخيه أمير الرياض المحبوب، نهنئ أنفسنا بالصحة والعافية والقبول الذي كتبه الله تعالى لسلطان القلوب، إذْ كانت الألسن في غيبته تلهج بالدعاء له بالصحة والعافية، وهاهي مشاعر الفرح الآن تتزاحم اغتباطا بسلامة قدومه وعودته إلى أحضان بلاده وأهله، خاصة وقد اقترن قدومه حفظه الله بقدوم أمير الرياض سلمان ليزداد الفرح إلى حُبور والسعادة إلى سرور.. إن سلطان المحبّة إذا وقع في القلب لايستأذن صاحبه، كيف لا والمحبوب ذو قلبٍ حنون، وكفٍ مبذول، ووجهٍ مبسوط.. فحيْ هلا بمن صارا مِلء الأبصار والأسماع محبة وتلهفاً وتقديراً وإجلالا.. إن من يقرأ تاريخ المملكة العربية السعودية، ويتعرّف عن قرب على العلاقة التي تربط الحاكم بالمحكوم فيها منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز طيّب الله ثراه وفي عهود أبنائه البررة رحمهم الله وإلى هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أيّده الله ومن يطالع ويتأمل تلك العلاقة يجدُ تفسيراً واضحاً لتلك المشاعر الفيّاضة التي امتلأت بها صالات وممرات مطار الملك خالد مساء الجمعة، ولقد جاء عن المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم قوله: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلّون عليهم ويصلّون عليكم). «أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه». وهذا الحديث الشريف يشهد بالخيرية للأئمة الذين حباهم الله محبة رعيتهم، ويبين مشروعية محبة الأئمة والدعاء لهم، إذْ من كان من الأئمة محبّاً للرعية ومحبوباً لديهم، وداعياً لهم ومدعواً له منهم، فهو من خيار الأئمة، وهكذا نحسب صادقين جميع ولاة أمرنا رعاهم الله وكلأهم بعنايته. وليس أدلّ على تحقّق ذلك ولله الحمد من اجتماع كلمة الأمة على ولاة أمرنا، وتوحّد الصف خلف خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني في مختلف المحن التي واجهتها البلاد في الفترة الماضية، ولهْجت الألسن بصادق الدعوات لهم بالعز والنصر والتمكين، والتوفيق والسداد.. وأزعم أنني لا أقول جديداً إذا قلتُ أن بشرى عافية سمو ولي العهد أدامها الله هي في حقيقتها بشرى عافية لنا ولدولتنا الفتية أعزها الله بالإسلام وأهله بقيادة آل سعود الميامين. وسوف لن تزال قلوبنا تتضرع، وأكفّنا تُرفع بدعواتها الخالصة إلى الله القدير جل جلاله أن يحفظ ديننا وبلادنا وقادتنا وأمننا من كل سوء، وأن يُديم على خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني سوابغ نعمه، وعظيم مِننه وآلائه، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.. * رئيس ديوان المظالم