إن المطالبة بسرعة إنشاء هيئة حماية النزاهة ومكافحة الفساد التي دعت إليها الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد المقرة في 1/2/1428ه أعطى تأكيدا بأن إنشاء الهيئة كفيل بحماية المال العام ومحاربة الفساد بشتى صوره، في حين أن إنشاء الهيئة قد لايكون مؤثرا في ظل وجود أجهزة حكومية كديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية ..الخ ،تمارس أعمالها وفق مهام وإجراءات يعلم بها المفسدون ورعاتهم! وإنشاء الهيئة ماهو إلا تقليد لدول أخرى أسست هيئات لتمارس عملها طبقا لمهام نظرية محددة وبموجب مكاتبات رسمية وآلية خطابنا وخطابكم! فهيئات مكافحة الفساد أنشئت منذ سنوات طويلة في دول عربية يمارس بها الفساد علنا ونشاهده فور دخولنا لأراضيها! فاستيعاب أفراد المجتمع ومؤسساته لثقافة مكافحة الفساد يجب أن يسبق إنشاء الهيئة حتى لاتتحول الهيئة الى جهاز إداري - كأي جهاز آخر- يتفنن جميع موظفي الأجهزة الأخرى في ابتكار أساليب الالتفاف على الأنظمة أثناء ممارستهم ومسؤوليهم للفساد والتغطية على فساد مسؤوليهم اعتقادا بأنهم يعملون بإخلاص أو لاسترضاء المسؤول! هنا أليس الأولى أن يعلم أفراد المجتمع أشكال الفساد وأنواعه وأساليبه والتمييز بين الفساد والاجتهادات التي تتم فعلا لتحقيق مصلحه عامه؟ فالمهم زرع ثقافة النزاهة التي تقوي النزيه وتضعف الفاسد والاهم التخلص عن ثقافة "كله تمام يافندم" التي ساهمت في تشجيع المسؤول على ممارسة الفساد سواء من موظفيه او المتعاملين مع جهته! فالهدف أن يقف المجتمع ككل وليس فقط أجهزة الدولة في وجه الفساد الذي قد يصل أيضا لأجهزة رقابية يصعب حينها محاربته! وتبرز أهمية احترافية وسائل الإعلام في نشر ثقافة حماية المال العام ومكافحه الفساد (وليس بالشكل الذي نشاهده حاليا بصحفنا) كما يجب أن يتم دعم استقلاليتها لتوفير حرية النقد الهادف للأداء حتى لا نرى "فسادا في نشر ثقافة مكافحة الفساد" كما هي في دول أخرى دمر الفساد مجتمعاتها وكأن صحفييها ومذيعيها يعيشون بالخارج!