لم يكن مستغرباً من موقع غوغل أن يتوج صفحته الرئيسية بشخصيات برنامج الأطفال الشهير “sesame street” أو "شارع السمسم" احتفالاً بمرور 40 عاماً على ولادتها، إذ ان هذا البرنامج قدم خدمة كبيرة تمثلت في صقل وتطوير مهارات التفكير والتواصل لملايين الأطفال حول العالم كما نجح في الاستحواذ على اهتمام الطفل منذ وقت تأسيسه وحتى الآن. العالم يحتفل هذا العام بالذكرى الأربعين لميلاد تيلي وبيغ بيرد وإيلمو كإظهار نوع من الامتنان لما قدمه هذا البرنامج في مسيرة ثقافية لأجيال متعددة. البرنامج كان معد لغرض تعليمي بحت من اجل مساعدة الأطفال في الجانب التعليمي في أجواء ترويحية ممتعة تجذب الطفل للمشاهدة. شارع السمسم.. مهمة تغيير جيل يُعرف القائمون على برنامج السمسم مهمتهم بأنها تعليمية في المقام الأول، يقول المسؤولون عن شارع السمسم "نحن مؤسسة غير نفعية نعمل على خلق اختلاف في حياة الطفل في أنحاء العالم عبر معالجة وتطوير تفكيرهم النقدي، وذلك من خلال أوعية مختلفة منها التلفزيون والمجلات والكتب والراديو". كما تعمل المؤسسة على ايصال رسالتها بشكل فعال ومؤثر الى ملايين الأطفال والآباء والمربين عبر انحاء العالم. وعن هدفها تقول المؤسسة "شارع السمسم ملتزم بمبدأ ان كل الأطفال يستحقون فرصة التعلم والنمو وعليه هم بحاجة الى من يهيئهم للأجواء الدراسية كما تساعدهم على فهم أفضل للعالم من حولهم والتواصل مع بعضهم البعض ليحلموا ويكتشفوا من أجل ان يصلوا الى أقصى توقعاتهم". عندما ابتكر جيم هينسون شخصيات البرنامج عام 1969 واجهت الشخصيات انتقادات قلقة من قبل المهتمين بشؤون الطفل في الولاياتالمتحدة الأميركية، يذكر لويس غيكو (أحد الكُتاب الذين عملوا مع هينسون) بأن كثيرا من التربويين كانوا قلقين من خلق نوع من الاضطراب في تفكير الطفل حينما يرى الوحوش التي هي من شخصيات البرنامج تتحدث إلى البشر، حيث قد يؤدي ذلك الى خلط الطفل بين الحقيقة والخيال وان ذلك ربما يؤدي الى ألا يستوعب الأطفال هذه العلاقة بين البشر والوحوش اللطيفة، إلا أنه بحسب غيكو عندما بدأ بث العمل التجريبي لاحظوا بأن الأطفال أبدوا اهتماما وتركيزا أكبر عندما كان موبيتس الوحش يتحدث إلى احدى شخصيات البرنامج الحقيقية. تغيرات في مسيرة البرنامج البرنامج تعرض للكثير من التغيرات منذ بدايته في شخصيات العمل وديكوراته. إذ ان وحش النفايات اوسكار، مثلا ذي اللون الأخضر كان لونه برتقاليا، ووحش البسكويت كان له أسنان. رسومات الجدران اختفت واصوات السيارات لم تعد مسموعة في حلقات البرنامج الجديدة. إلا ان تعديلات البرنامج لم تكن دائما صائبة، إذ في عام 1994 أقرت ادارة البرنامج تعديلا جديدا حيث ابتكرت شخصيات اضافية في قسم جديدة يدعى "وراء الركن" والذي يهدف الى تسليط الضوء على ما يدور في الشارع المجاور الا انه وبحسب كاتب العمل اصبح شارع السمسم مليئا بالشخصيات الى درجة مشوشة، لذا ارتأت ادارة البرنامج ان تعود الى شخصياتها القديمة وتتخلص من تلك الشخصيات الجديدة. السمسم يبسط مفهوم الموت للطفل شارع السمسم لم يكن مجرد برنامج لتعليم الحساب او القراءة والكتابة, بل تعامل البرنامج مع كثير من القضايا التي تُشكل على الأطفال ولا يستطيعون فهمها كمسألة اختلاف الأعراق والثقافات في المجتمع الأمريكي. أغنية كيرمت الضفدع الأخضر التي حملت عنوان "ليس من السهل ان يكون لونك اخضر" تعد مثالاً جيداً على معالجة البرنامج لمسألة اختلاف ألوان البشر وكيفية التعامل مع ذلك خصوصا في مجتمع متعدد الاعراق كالمجتمع الأمريكي، البرنامج تعامل ايضا مع قضايا اعمق من ذلك كقضية الموت وحاول شرحها وتبسيطها. في إحدى الحلقات القديمة من البرنامج حدث أن توفي الشخص الذي يقوم بدور مستر هوبر، إدراة البرنامج ارتأت بأن ذلك كان فرصة جيدة لشرح مفهوم الموت للطفل خصوصا في حال وفاة شخص عزيز حيث جاءت شخصية بيغ بيرد بلوحات مرسومة لجميع المشاركين في البرنامج ومن ضمنهم السيد هوبر. "بيغ بيرد" أعطى كل شخص لوحته وبقيت لوحة مستر هوبر، وقال بأنه سيعطيها له عندما يعود من الموت إلا أن الشخصيات المشاركة في العمل اخبرت بيغ بيرد بأن مستر هوبر لن يعود، وجعلوا يشرحون له بشكل بسيط يناسب عقلية الطفل كيف أن الميت لا يعود كما أحاطوه بحنان بالغ ليتجاوز تلك المحنة. قيم كالتفاني والإخلاص والإيثار كانت محط اهتمام كتاب البرنامج ما جعله يترك عميق الأثر في بناء شخصية الطفل منذ تأسيسه وحتى الوقت الحاضر ليس ذلك وحسب بل إن شارع السمسم أيضاً حاول قدر الإمكان بناء طفل سليم الذهن صحيح البدن عبر الاهتمام بالجانب الجسدي والغذائي للطفل، تقول الدكتورة جانيت بيتانكورت، نائبة رئيس ورشة عمل السمسم للشؤون التعليمية: "برنامج شارع السمسم لعب دوراً هاماً جداً في صياغة العادات الغذائية لدى الأطفال وقد لاحظنا ذلك جلياً بعد أن بدأنا برنامجاً يهدف للتثقيف الغذائي في عام 2004". افتح يا سمسم.. النسخة العربية النسخة العربية من البرنامج حملت اسم "افتح يا سمسم" وهي إحدى أهم وأبرز البرامج التي أنتجتها مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي عام 1979 (تحتفل حالياً بالذكرى الثلاثين لميلاد البرنامج). النسخة العربية كما فعلت النسخة الإنجليزية كانت نقطة هامة في المسيرة التعليمية للطفل العربي حيث تحفل الذاكرة للأجيال التي واكبت حقبة بث البرنامج بالكثير من الشخصيات التي شاركت في العمل كشخصية الضفدع كامل ونعمان وملسون وغيرها ولم يكن البرنامج العربي يقل عن نظيره الإنجليزي من حيث الإخراج أو جودة المضمون إلا أن حقبة حرب الخليج الأولى أثرت كثيراً على مسيرته ليتوقف تماماً عن الصدور بعد تحرير الكويت بمدة وجيزة. إلا أن ثمة أخبار جيدة تشير إلى إعادة إنتاجه، فبحسب تصريحات صحفية أدلى بها عبدالمحسن البناي، المدير التنفيذي لمؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، تعتزم المؤسسة تنظيم مؤتمر في يناير المقبل بخصوص افتح يا سمسم يشارك فيه عدد من المتخصصين في الشؤون التعليمية والتربوية في الوطن العربي لمناقشة الموضوعات التي ستطرح في برنامج "افتح يا سمسم" الجديد وهو ما يعد خطوة بالغة الأهمية في صالح المسيرة التربوية للطفل العربي.