لم يعد محتملاً إظهار موسيقار الأجيال كضيف شرف "مزمن" على دراما مسلسلات السيرة الفنية. الفنان الذي كان لعقود عراباً موسيقياً في العالم العربي؛ يصر كتاب السيناريو والمنتجون في مصر على استضافته في مشاهد قليلة، يكاد ظهوره فيها أن يكون مُهيناً لواحد من عمالقة الطرب الأصيل؛ ليس بسبب قصر المساحة الزمنية التي يظهر فيها صاحب (الجندول) وحسب، وإنما من أجل "استغلال" هذه القيمة الفنية الكبيرة، وتوظيفها درامياً، كعامل جذبٍ في مسلسلات "فنية" متكاثرة لم تنصف حتى اليوم موسيقار الأجيال وصانع الألحان الخالدة من "إنت عمري" إلى "من غير ليه". حكاية ظهور محمد عبد الوهاب بوصفه ضيف شرف أو ضيفاً عابراً؛ بدأت من مسلسل (أم كلثوم) للمخرجة أنعام محمد علي في نهاية التسعينات، حيث ظهرت شخصية عبد الوهاب في المسلسل بالصورة النمطية والتي ستكون "نسخة" الشخصية التي ستوزع على بقية الأعمال اللاحقة دون الاهتمام بتفاصيل الشخصية الفنية لعبد الوهاب أو الغوص في أعماقه السيكولوجية، فالتركيز الدرامي دائماً ما يقتصر على الشكل (والمنتجون ليسوا معنيين بغير ذلك في المشاهد المخصصة القليلة) فهو ذلك الرجل الطويل والرفيع ذو الطربوش الأحمر والنظارة الدائرية، هادئ الطباع.. ؛ وهي ملامح شخصية سوف تتكرر في أعمال لاحقة، يتفاوت فيها دور وظهور عبد الوهاب بين البطولة والمرور العابر، ومن هذه الأعمال ما نجح أو مر مرور الكرام كمسلسل سيرة الفنانة (سعاد حسني) ومسلسل (عبد الحليم)؛ ولا ننسى الموسم الماضي عندما ظهر عبد الوهاب في مشاهد قليلة من مسلسل (أسمهان) داخل أستوديو التسجيل في شخصية ليس لها علاقة لا على مستوى الشكل حتى بعبد الوهاب. وصولاً هذا العام إلى مسلسل (ليلى مراد: أنا قلبي دليلي). لكن الملفت والغريب جاء مع مسلسل (إسماعيل ياسين: أبو ضحكة جنان) حيث اقتصر وجود عبدالوهاب في المسلسل بمشهد واحد، استزرع بين مشاهد الحلقات الأخيرة من أجل تحقيق شرط الحبكة؛ فإسماعيل ياسين كان في بداياته يحلم أن يغني أمام عبد الوهاب فضلاً عن أنه كان مغرماً بصوت صاحب (الجندول) وكثيراً ما كان يقلد صوته لكن دون جدوى. وهذا هو عبد الوهاب بعد عقود (في المسلسل) يحجز مقعداً من أجل أن يحضر مسرح إسماعيل ياسين، رغبة في الضحك!. والسؤال الملح هو: متى سنشاهد "عبدالوهاب" في السينما أو الدراما التلفزيونية المصرية؟ ولماذا تأخر إنتاج فيلم سيرة حياة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب؟ أوَليس حضور عبد الوهاب درامياً في هذا الزمن ضرورة لترسيخ القيم الموسيقية الأصيلة؟. وما الذي ينقص شخصية عبد الوهاب كي تكون محوراً لمسلسل خاص؟ والاهم، متى ستكف الدراما المصرية عن الاستعانة بعبد الوهاب كضيف شرف تلفزيوني. ألا نستحق أن نشاهد عملاً درامياً (تلفزيونياً أو سينمائياً) خالصاً عن سيرة حياة موسيقار الأجيال في العام القادم!.