لقد تابعت عن كثب الأحداث التي وقعت على الحدود اليمنية على مدى الأسابيع القليلة الماضية، من الواضح أن المملكة العربية السعودية قد تعرضت لهجوم. وأنا اؤيد حق المملكة العربية السعودية بالرد بشكل متناسب للدفاع عن أراضيها وشعبها وممتلكاتها، لقد اتخذت القوات الحوثية قراراً خاطئاً لا يصدق بمهاجمة الأراضي السعودية. وفي نفس الوقت فإنني أدعو لأولئك المدنيين الأبرياء سواء من السعودية أو اليمن الذين شردهم القتال واضطروا إلى ترك منازلهم وسبل كسب العيش هرباً من القتال، وأحيي العمل الذي يقوم به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز والآخرون لتوفير المأوى والاحتياجات الأساسية لأولئك الذين نزحوا من منازلهم. لقد جعلني العنف أفكر مرة أخرى حول ما يمكن للمجتمع الدولي القيام به لدعم الشعب والحكومة في اليمن، لا أحداً ينكر أن اليمن يواجه تحديات اجتماعية واقتصادية وسياسية. وقد جاءت جولة القتال الأخيرة في صعدة حيث يشهد اليمن للمرة السادسة اندلاع نزاع أعمال العنف بين الحكومة والحوثيين. وفي هذه الاثناء يشهد اليمن انهياراً اقتصادياً سريعاً ويواجه أزمة مياه وأزمة سكانية وأزمة نفط. إن الفساد يعيق المحاولات الرامية إلى تشجيع إدخال تحسينات على الحكم والتنمية، مما يترك أعداد الشباب المتزايدة من الشعب عرضة لاحتمال الاستغلال من قبل تنظيم القاعدة الذي يسعى إلى استهداف جيرانه وزعزعة الاستقرار في المنطقة. لهذه الأسباب جميعها يشعر العديد من أصدقاء اليمن في المجتمع الدولي بالقلق إزاء مستقبله. ولعل هذه المسائل تبدو مستعصية إذا ما نظرنا إليها مجتمعة. ولكني أود أن أقول إن الشعب اليمني يستحق منا كل الدعم، فهو شعب لديه تاريخ عريق يفتخر به. ولا جدال اليوم حول أهمية اليمن الاستراتيجية لأنه يقع في قلب الممرات الملاحية. وبينما نحن ننظر إلى مستقبل اليمن، أريد أن أبين بأن اتباع نهج منسق من جانب المجتمع الدولي، مع التنمية الاقتصادية والإصلاح السياسي الجوهري يمكن فقط أن يوفر للشعب اليمني الاستقرار والازدهار الذي يستحقه. إن الأمر يتعلق جزئياً بالمال، تعتبر بريطانيا إحدى الجهات المانحة الرئيسية لليمن منذ سبعينيات القرن الماضي. زادت المملكة المتحدة دعمها إلى اليمن من 12 مليون جنيه استرليني إلى 20 مليون جنيه استرليني في عام 2009. وقد أثبتت التجربة انه بالرغم من أهمية البنية التحتية، إلا أن اليمن يحتاج إلى الخبرات لمساعدته في بناء قدراته على المستويين المركزي والمحلي. إن بناء مستشفى جديد يمكن ان يحدث تحولاً في المجتمع، لاسيما إذا تمت إدارته على نحو جيد، وتم تزويده بالمعدات اللازمة وتوفير الأطباء والممرضات المؤهلين. وقد اجتمع اعضاء المجتمع الدولي، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، في لندن في شهر نوفمبر من عام 2006 وتعهدوا بتخصيص مبلغ 5.3 بلايين جنيه استرليني لدعم اليمن، وحيث إنه لم يتم سوى صرف جزء ضئيل من هذا المبلغ، لذا فإننا بحاجة الآن لضمان ان يتم تسليم هذا المبلغ وفقاً لخطة منسقة ومنظمة وأن تتسم المشاريع بالشفافية. كما أن الأمر يتعلق ايضاً بالدعم السياسي، فالحكومة اليمنية تواجه واحدة من أصعب المهام التي تواجهها أي حكومة في العالم. لذا، يتعين على المجتمع الدولي ان يدعم جهود اليمن الرامية إلى مواجهة هذه التحديات واتخاذ القرارات الصعبة التي تضمن وصول التنمية والفرص إلى جميع اليمنيين. إن لأصدقاء اليمن في المنطقة دوراً رئيسياً يؤدونه في هذا المجال، ومن أبرزهم المملكة العربية السعودية. ولكنني أريد أن أحث المجتمع الدولي بأسره لتنسيق جهودنا ومواردنا، إننا متفقون حول ما نريده، سواء أكان ذلك حلاً لاحتياجات اليمن من المياه التي تلوح في الأفق، أو لمنع القاعدة من زعزعة استقرار البلاد. فالشعب اليمني يستحق منا كل الدعم. * السفير البريطاني لدى المملكة