يحتفي أكثر من مئة بلد في أرجاء العالم بالأسبوع الدولي للتعليم خلال هذا الأسبوع، ولم يكن لهذا الحدث أهمية مثلما له اليوم. فاليوم، تواجه الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة العربية السعودية ودول أخرى تحديا يتمثل في سلسلة معقدة من تنافس تقني ذات مستوى عال وطبيعة دولية في إنتاجها والطلب عليها. وهذه البيئة العالمية الجديدة تتطلب من الدول أن تطور وتنفذ إستراتيجيات تعليمية لتعد شبابها للتنافس في هذا العالم الجديد. لوقت قريب، انحصر التعليم الدولي في تلك القلة الذين لديهم مطلب معين لتعلم مهارة محددة لم تكن متاحة أساسا إلا في بلد أو منطقة معينة. فعلى سبيل المثال، كان أمراً نادراً جدا في الولاياتالمتحدة إجادة لغة أخرى بطلاقة لكبر حجم البلد الهائل وحقيقة أن بلدنا يحيط به محيطون مما عنى لنا أننا لسنا في حاجة إلى تعلم لغة أخرى لنتواصل مع جيراننا. بيد أن هذا الأمر قد تغير اليوم. فوفقا لرابطة اللغات المعاصرة، فإن دراسة اللغات الأجنبية بين طلاب الجامعات الأمريكية هي في تزايد مستمر منذ عام 1998. وعلى سبيل المثال، ارتفعت دراسة اللغة العربية بنسبة 127 ٪ على عام 1998 ، في حين أن دراسة اللغة الصينية والكورية ارتفعتا بنسبة 51 ٪ و 37 ٪ على التوالي. وذلك لسبب بسيط جدا: أن معظم الطلاب يرغبون في دراسة مواد تساعدهم في إيجاد فرص وظائف جيدة في المستقبل، ويدركون أن تعلم مادة دولية أثناء دراستهم ستساعدهم في تحقيق هدفهم تماما. وتدرك الحكومات الوطنية أيضا أهمية توفير أفضل تعليم ممكن لمواطنيها. وقد افتتح خادم الحرمين الشريفين مؤخرا جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، وهي مؤسسة تتمتع بمستوى عالمي ممتاز وتركز على تعزيز البحث التقني المتقدم وتوفير فرص تعلم في المملكة العربية السعودية. وبحكمته أيضا، قوى الملك عبدالله عنصرا دوليا في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، بجلب أساتذة وطلاب أجانب للعمل والدراسة مع زملائهم السعوديين. وهذا أمر حيوي، ويظهر جلّ تاريخ الحضارة البشرية أن الدول القوية والمزدهرة هي تلك الدول التي فتحت نفسها باستمرار للتعلم من خارج حدودها الوطنية. إن النجاح في الاقتصاد العالمي ينتج من تبادل المعرفة وتأسيس ملكية فكرية جديدة. وأعتقد أن هذا سيكون مفتاح النجاح في تطور المملكة العربية السعودية في عالم الاقتصاد القائم على المعرفة. وهذا النهج نحو التعليم الدولي كان دائما ركنا أساسيا في الفكر الإسلامي أيضا. والقول المأثور لدى المسلمين اطلب العلم ولو في الصين إذا ما كان هذا العلم سيجلب نفعا للأمة، وفي أثناء انتشار الإسلام حمل معه هذه الروح التواقة للعلم وتبادل المعرفة. فعلى سبيل المثال، في بداية القرون الوسطى في أوروبا، تدفق الأوروبيون إلى الجامعات الإسلامية في أسبانيا لدراسة الطب والعلوم. وهذه الروح ما زالت حية وقوية في المملكة العربية السعودية عن طريق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وبرنامج الملك عبدالله للابتعاث وغيرها من المبادرات التي اتخذها الملك عبدالله لجعل بلاده أكثر قوة ونفوذا. وكسفير للولايات المتحدةالأمريكية لدى المملكة العربية السعودية، آمل أن يستفيد المزيد والمزيد من الشباب السعودي من هذا التركيز الجديد على التعليم العالمي الممتاز واختيار الدراسة معنا في الولاياتالمتحدة. إن مجتمعات الولاياتالمتحدة ومؤسسات التعليم العالي فيها ترحب بحرارة بالطلاب السعوديين في صفوفها، ويكفل نظام تأشيرة الولاياتالمتحدة الجديد والصالحة لمدة خمس سنوات للطلاب السعوديين أن يتنقلوا بين الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية ذهابا وإيابا في أي وقت أثناء فترة دراستهم دون الحصول على تأشيرة جديدة أو زيارة مكاتب قنصلياتنا. ما زالت الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة العربية السعودية في حاجة إلى تعلم المزيد من بعضهما البعض. وبينما يحتفل العالم بالأسبوع الدولي للتعليم، أرجو أن تنضم معي في السعي لتوفير فرص أكثر لتحقيق هذا الهدف. * سفير الولاياتالمتحدة الأمريكية لدى المملكة