يصادف اليوم السبت الخامس من شهر ذي القعدة الموافق للرابع والعشرين من أكتوبر الجاري الذكرى الرابعة والستين لإنشاء الأممالمتحدة فقد وقع ميثاق الأممالمتحدة في 26 يونيو 1945م في سان فرانسيسكو وأصبح فى 24 أكتوبر من العام نفسه نافذ المفعول. والمملكة العربية السعودية عضو مؤسس في منظمة الأممالمتحدة وشاركت فى مؤتمر سان فرانسيسكو الذي تم خلاله إقرار ميثاق منظمة الأممالمتحدة بوفد رأسه جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله عندما كان وزيرا للخارجية. وعقد أول اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في لندن يوم العاشر من يناير 1946م بحضور ممثلي إحدى وخمسين دولة كما اجتمع مجلس الأمن لأول مرة في لندن يوم السابع عشر من يناير 1946م وفي الرابع والعشرين من يناير 1946 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة أول قرار لها دعت فيه إلى الاستخدام السلمي للطاقة النووية وإزالة أسلحة الدمار الشامل. وتولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة خلال السنوات الأربع والستين الماضية ثمانية أشخاص وهم النرويجي تريغفي لي خلال الفترة من 1946 إلى 1952 والسويدي داغ همر شولد من 1953 إلى 1961 والميانماري يوثانت من 1961 إلى 1972 والنمساوي كورت فالدهايم من 1972 إلى 1981 والبيروفي خافيير بيريز دي كويلار من 1982 إلى 1991 والمصري بطرس بطرس غالي من 1992 إلى 1996. والغاني كوفي عنان من 1997 إلى 2006 والأمين العام الحالي الكوري بان كي مون من 2007م حتى الآن. وحققت منظمة الأممالمتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة المنبثقة عنها منجزات بارزة على الصعيد الدولي خلال الأربع والستين سنة الماضية وفي مقدمتها الحفاظ على الأمن والسلام العالمي والقيام بمهام حفظ السلام في مناطق النزاع وتشجيع الديمقراطية والتنمية ومساندة حقوق الإنسان وحماية البيئة ومنع انتشار الأسلحة النووية ودعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وفي الاستقلال. كما تعمل منظمة الأممالمتحدة على تعزيز القانون الدولي وتسوية النزاعات الدولية وإنهاء التفرقة العنصرية وتوفير مواد الإغاثة الإنسانية للمنكوبين وتخفيف مشكلات الفقر والمجاعة في الدول النامية والتركيز على التنمية في دول أفريقيا ومساندة حقوق المرأة على المستوى العالمي. وتساعد الأممالمتحدة ومنظماتها المتخصصة البرامج الرامية لتوفير مياه الشرب النقية واستئصال الأمراض المعدية والدعوة إلى تصميم برامج تحصين الأطفال ضد الأمراض ودراسة وفيات المواليد ومكافحة الأمراض المستوطنة في بعض المناطق. وعلى الصعيد الاقتصادي تعمل الأممالمتحدة على تشجيع الاستثمار في الدول النامية عبر الصناديق والمؤسسات الاقتصادية الدولية وتوجيه النمو الاقتصادي لخدمة الاحتياجات الاجتماعية وتوفير امدادات الإغاثة في حالات الطوارئ. وتؤدي الهيئات المتخصصة المنبثقة عن الأممالمتحدة مهام متعددة في مجالات حماية طبقة الأوزون ومكافحة إزالة الغابات وتنظيف البيئة من التلوث ومكافحة تجارة المخدرات واستخدام المخدرات. كما تعمل الأممالمتحدة على تحسين العلاقات التجارية الدولية وتشجيع الإصلاحات الاقتصادية ومساندة حقوق الملكية الفكرية وحماية التدفق الحر للمعلومات وتحسين وسائل الاتصال وبرامج التعليم في الدول النامية ومحو الأمية والمحافظة على الاثار والثقافات وتشجيع برامج التبادل العلمي والثقافي. ونظام الأممالمتحدة مبني على عدد من الأجهزة الرئيسة ، وهي تسمى بمجموعها "منظومة الأممالمتحدة" وهي: الجمعية العامة و مجلس الأمن و مجلس الوصاية و الأمانة العامة و محكمة العدل الدولية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة . وتنبثق عن الأممالمتحدة عدد من المنظمات العالمية من أهمها: منظمة العمل الدولية و منظمة الأغذية الزراعية و منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم و منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطيران المدني الدولي و المنظمة الدولية البحرية و منظمة التجارة العالمية , والبنك الدولي للإنشاء والتعمير, و صندوق النقد الدولي , إلى جانب عدد من البرامج التابعة للمنظمة منها برنامج الأممالمتحدة لمراقبة المخدرات وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي . وكذلك عدد من معاهد البحث والتدريب مثل معهد الأممالمتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية و معهد الأممالمتحدة لبحوث نزع السلاح. ومن أجهزة الاممالمتحدة الأخرى مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان والمحكمة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الدولي للاتصالات والاتحاد البريدي العالمي وغيرها. وزاد عدد الدول الأعضاء في الأممالمتحدة من خمسين دولة عام 1945م إلى مائة واثنتين وتسعين دولة عام 2002م وفي الوقت الذي تحتفل فيه منظمة الأممالمتحدة بمناسبة مرور أربعة وستين عاما على إنشائها فإن تطلعات وآمال مجتمعات العالم مرتبطة بالجهود التي تبذلها هذه المنظمة الدولية الكبرى من أجل بناء عالم أفضل يسوده الأمن والسلام وعلاقات التعاون والاحترام بين جميع دول العالم ولخير البشرية جميعها والمملكة العربية السعودية بوصفها من الدول الموقعة على ميثاق سان فرنسيسكو الذي أنشئت بموجبه منظمة الأممالمتحدة , فإنها تعتز بالتزامها الدائم بالمبائ والأسس التي تضمنها الميثاق وبسعيها الدؤوب نحو وضع تلك المبادئ والأسس موضع التطبيق العملي. وتؤكد المملكة العربية السعودية دائما حرصها على العمل على دعم منظمة الأممالمتحدة ووكالاتها المتخصصة بوصفها تشكل إطارا صالحا للتعاون بين الأمم والشعوب ومنبرا مهما للتخاطب والتفاهم ووسيلة فاعلة لفض المنازعات وعلاج الأزمات. كما أكدت المملكة على حقيقة أساسية مفادها أن مقدرة هذه المنظمة على القيام بجميع هذه الأدوار وكل تلك الأعباء تظل مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وما تضمنه ميثاقها موضع التنفيذ الفعلي والعملي. وفي ذلك يقول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود في كلمته حفظه الله في قمة الألفية التي نظمتها هيئة الاممالمتحدة بمقرها في نيويورك عام2000م // كان وليا للعهد آنذاك // " إن بلادي تعتز بأنها إحدى الدول المؤسسة لهذا الصرح الكبير الأممالمتحدة وتفخر بأنها كانت ولازالت عضوا نشطا وفعالاً تجاه أعمالها ومهامها وتؤكد اعتقادها الراسخ بأن الأممالمتحدة تبقى أمل البشرية الأكبر بعد الله جل جلاله في تحقيق تجنب الأجيال القادمة ويلات الحرب رغم ما قد يشوب اليات العمل من شوائب أو يعترضها من عقبات أو صعاب". وأضاف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته " إن حكومة المملكة العربية السعودية تنوه بالجهود المبذولة حاليا والهادفة إلى تحديث وتطوير الأجهزة التابعة لمنظمتنا على النحو الذي يمكنها من القيام بدورها المطلوب وبالمستوى الذي يجعلها تواكب التطورات والمستجدات التي تجتاح العلاقات الدولية في الوقت الحاضر". ومن هذا المنطلق فقد يكون من المفيد ونحن نتدارس الأفكار الإصلاحية المطروحة أن نربطها بطبيعة القضايا التي تتصدى لها هيئتنا وأن تراعى تأثيرات هذه الإصلاحات أو التغيرات على فعالية وأداء أجهزة الأممالمتحدة خاصة مجلس الأمن الدولي بوصفه الجهة المعنية عناية مباشرة بمسألة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ". وأكد خادم الحرمين الشريفين في كلمته الموجهة لقمة الألفية ضرورة توفير الإرداة السياسية لتحقيق مبادئ الأممالمتحدة على الوجه المرجو , وفي ذلك يقول حفظه الله " إن ادخال بعض الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية للارتقاء بأداء الأممالمتحدة وزيادة فعاليتها قد يكون ضروريا فى الحقبة الراهنة إلا أن هناك حقيقة ثابتة وراسخة لا مناص من تجاهلها أو التهرب منها وأعني بذلك أن مقدرة هذه المنظمة على القيام بأعبائها والاضطلاع بمسؤولياتها الثابتة والمستجدة تظل مرتبطة بمدى توفر الإرادة السياسية لوضع مبادئها وما تضمنه ميثاقها من تطلعات ورؤى موضع التنفيذ الفعلي بما في ذلك الالتزام بما يصدر عن هذه الهيئة من قرارات وتوصيات ". كما أكد حفظه الله على دعم المملكة لجهود الأممالمتحدة حيث قال " إن إيماننا الراسخ بأهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به منظمة الأممالمتحدة في التعامل مع الأزمات والسعي لتجنيب أهوال الحروب وتهيئة سبل التعاون الدولي يجعلنا أكثر إصرارا من أي وقت مضى على دعم هذه المنظمة من أجل أن تواصل مسيرتها الخيرة وفقا لمبادئها وأهدافها السامية ". وفي اطار حرص المملكة على تكريس هذا الدور وتعزيز التعاون الدولي فقد قامت بالتوقيع والتصديق على العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تم التوصل اليها بتشجيع ورعاية من الهيئة الدولية . وامتدادا لدور المملكة المهم في المحافل الدولية شارك صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ال سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام في أعمال القمة العالمية التي استضافتها المنظمة الدولية عام 2005م بمناسبة مرور ستين عاما على إنشائها وذلك في مقر الأممالمتحدةبنيويورك . وقد تقدمت المملكة العربية السعودية إلى الأمين العام للأمم المتحدة وحكومات الدول المشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بمقترح استصدار قرار من الجمعية العامة بتبني إعلان الرياض الصادر عن المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب والتوصيات الصادرة عنه خاصة المقترح المقدم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود بانشاء مركز دولي لمكافحة الارهاب واقتراح المملكة أن يتم تشكيل فريق عمل من مختصين من لجنة مكافحة الإرهاب ومن الدول المشاركة في المؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب لدراسة التوصيات ومقترح انشاء المركز ووضع الخطوات التطبيقية لها وتقديمها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 61 للعام 2006م وفي شهر سبتمبر 2006م تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع قرارا يدين الإرهاب بكافة أشكاله وصوره ويحدد استراتيجية شاملة لمكافحة هذه الآفة تقوم على احترام حقوق الإنسان ودولة القانون. واستجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله إلى عقد اجتماع عالي المستوى للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المعتبرة عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقر المنظمة بنيويورك في نوفمبر 2008م اجتماعا على مستوى الزعماء وممثلي الحكومات لمختلف دول العالم للحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المعتبرة. وقال خادم الحرمين الشريفين في كلمته الضافية التي ألقاها خلال الاجتماع " إن حوارنا الذي سيتم بطريقة حضارية كفيل - بإذن الله - بإحياء القيم السامية ، وترسيخها في نفوس الشعوب والأمم . ولا شك بإذن الله أن ذلك سوف يمثل انتصاراً باهراً لأحسن ما في الإنسان على أسوأ ما فيه ويمنح الإنسانية الأمل في مستقبل يسود فيه العدل والأمن والحياة الكريمة على الظلم والخوف والفقر ". وفي ختام الاجتماع نوه معالي الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون في البيان الختامي لاجتماع الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المعتبرة بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ال سعود بالدعوة للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في العالم. وقال أثناء قراءته البيان في مؤتمر صحفي // إن مبادرة الملك عبد الله جاءت في وقت أحوج ما نكون فيه للحوار بين اتباع الأديان والثقافات والحضارات، فقد جمعت أشخاصا لن تتوفر لهم الفرصة للاجتماع وستساعد هذه المبادرة بجانب المبادرات الأخرى لبناء عالم أكثر تجانسا // . وأضاف الأمين العام قائلا // إن التحدي الذي نواجهه الآن هو التحرك فيما بعد الكلمات القوية والإيجابية التي سمعناها خلال اليومين الماضيين، وأنا أتعهد بدعمي الكامل لهذه الجهود، ربما سيأخذ وقتا لنرى النتائج إلا أنني اعتقد أن هذا الاجتماع كان خطوة مهمة للأمام // . وأشار البيان الختامي إلى التزام جميع الدول، وفق ميثاق الأممالمتحدة، بالعمل على تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بما في ذلك حريات العقيدة والتعبير دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين. وكان للمملكة العربية السعودية وعبر منابر الأممالمتحدة مواقف تاريخية مشرفة فقد كانت ومازالت تدعو إلى كل مافيه خير البشرية جمعاء فقد دعت الى حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون ونشر ثقافة السلام ومبادرات الحوار فيما بين الثقافات والشعوب وعدت هذه عناصر أساسية في أي استراتيجية فاعلة لمكافحة الإرهاب والتطرف وأكدت أن احترام قرارات الشرعية الدولية ومبادئها هو السبيل الوحيد لحل النزاعات الدولية المزمنة والقضاء على بؤر التوتر مما يحرم الإرهابيين من استغلال مشاعر اليأس والإحباط الموجودة بسبب التعرض للظلم والعدوان والاحتلال. وفى سبيل الإسهام في دفع التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب إلى الأمام فقد عقدت المملكة مؤتمرا دوليا لمكافحة الإرهاب في فبراير 2005 م حضره خبراء ومختصون من أكثر من 60 دولة ومنظمة دولية وإقليمية . وقدمت المملكة دعما ماليا على مدى السنوات الماضية لبرامج الأممالمتحدة للوفاء بالتزاماتها وتنفيذ برامجها الإنسانية , فقد دعمت صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي إضافة إلى مساهمتها في رؤؤس أموال 18 مؤسسة وهيئة مالية دولية . وانطلاقا من حرص المملكة العربية السعودية على تحمل مسؤولياتها الدولية فيما يواجهه العالم في مواضيع التغير المناخي والأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية فقد أعلنت خلال قمة دول أوبك الأخيرة في الرياض عن تبرعها بمبلغ 300 مليون دولار لإنشاء صندوق خاص لأبحاث الطاقة والبيئة والتغير المناخي . ولأهمية التعاون الدولي في مجال الطاقة حرصت المملكة على مد جسور الحوار بين المنتجين والمستهلكين إذ تستضيف الرياض السكرتارية العامة لمنتدى الطاقة العالمي , كما رعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مؤتمر جدة للدول المنتجة والمستهلكة للنفط وأطلق مبادرته باسم الطاقة من أجل الفقراء والتي تهدف إلى مساعدة الدول النامية على مواجهة تكاليف الحصول على الطاقة .