أصر مسرحيو الشرقية أن يمزقوا الصورة التقليدية عن حفل افتتاح مسابقات المسرح المحلية. فبدل الخطب الرنانة و قراءة الكلمات الرتيبة والروتينية، اختارت جمعية الثقافة والفنون (الدمام) أن يكون افتتاح (مسابقة الدمام للعروض القصيرة) فنياً محضاً؛ خصوصاً و أن هذه الدورة تحمل اسم الفنان الراحل نضال أبو نواس. الدورة المسرحية الجديدة التي انطلقت أول أمس الثلاثاء وسط حضور عشاق المسرح ومُريديه، امتزجت فيها الفنون البصرية بالموسيقى والغناء والرقص التعبيري، إلى جانب عرض مشاهد تلفازية "ممنتجة" من حياة نضال أبو نواس في أجواء أراد لها معدو هذا الحدث أن تكون جنائزية، عندما تم عرض مشهد مسرحي مسجل يعلن فيه أبو نواس: (إن الموت حق). فمن موسيقى أغنية عبد الحليم (أنا معك على طول خليك ليَّ) إلى عرض فيلم قصير يروي مقتطفات من حياة الممثل الراحل وصولاً إلى غناء الفنان الشاب عماد محمد أغنية فصيحة من كلمات نضال أبو نواس وموسيقى وتوزيع عازف البيانو علي البوري. حيث أخذت الأمسية في تصاعد وجداني بينما صور "نضال" تطوف بين أصدقائه في ذات المسرح الذي وقف عليه الفتى المكاوي لسنوات، بعد أن اختار (أبو نواس) أن يبقى في شرق الوطن، رغم إمكانية عودته إلى مسقط رأسه مكةالمكرمة (ميلاد 1971)، ولكن عشق المسرح ورفاق الخشب العتيق، جذبه إلى البقاء حتى آخر أيام حياته؛ تاركاً كتاباً نثرياً يتيماً، طبعه أصدقاؤه تخليداً لروحه الجميلة. الفنان الراحل نضال أبو نواس حفل الافتتاح المسرحي الذي تحول إلى تراجيديا بصرية وموسيقية أدهشت الحضور ومنهم ضيوف المسابقة من برلين إلى بغداد والأردن و البحرين؛ قدم لوحة إيمائية من الرقص المعاصر تناولت جدلية الحياة والموت، ابتكر تصميمها المخرج عقيل الخميس، متيحاً للجسد الإنساني أن ينطلق في صمته ويعبر عن عما يكتنز من معان قديمة قدم التاريخ. صحيح أن المشهد الأخير من الأمسية الشرقاوية لم يخرج عن "المدارات الحزينة"؛ إلا أنه كان امتحاناً لمدى خصوبة مخيلة هؤلاء الشباب في بناء مشهد جنائزي صامت، إلا من "خلفية" أنغام علي بوري وصوت عماد محمد. حيث احتشد أصدقاء نضال أبو نواس على المسرح يحملون الشموع المضيئة ملتفين حول سرير مرض نضال، لامسين بأيدٍ حانية ذلك "الشرشف والوسادة البيضاء" واضعين صورته التي لم تفارق مخيلتهم؛ ثم ليشيعوا "رمزيا" جسد الفتى الراحل، منزلين من السرير الحديدي جسدا ملفوفا باللون الأبيض وعبر ممر مفروش بالبساط الأحمر استراح أصدقاء نضال على ناصية المسرح ليفتحوا القماش الملفوف بمحبة ويخرجون سلة وردٍ جوري خمري اللون؛ مهدين الورد من روح نضال إلى كل من جاء وحضر ملحمة العشق المسرحية. ليختتم العرض البصري بدقات جهاز نبضات القلب (تك، تك) في تداخل إيقاعي مبتكر مع الموسيقى التي لم تفارق أمسية الدمام الجمالية. فرقة أوال البحرينية المشاركة بعرض مستضاف في مسرح الدمام، قدمت درعا تذكاريا لجمعية الثقافة والفنون بالدمام تسلمه مدير الجمعية الكاتب عيد الناصر الذي رحب بالجمهور في الدورة المسرحية السابعة محيياً كل من ساهم في دعم هذا العرس المسرحي معلناً بإيجاز انطلاق مسابقة الدمام للعروض المسرحية القصيرة. الفنان علي السبع اختار أن يوجه رسالة من جمعية الثقافة والفنون بالدمام، إلى الفنانين الراحلين محمد العلي وبكر الشدي، قائلا: "ها نحن الآن في مسرح الدمام نقيم مهرجانا مسرحيا باسم الفنان الشاب نضال ابو نواس تخليدا لذكرى هذا الممثل المسرحي". مضيفا بالقول: "إن هذا الحدث ذكرني بعلم من أعلام الفن في السعودية وهو الفنان محمد العلي الذي للأسف لم يقدره أحد في الإدارات السابقة.. لكن الزمان هو الزمان وها نحن اليوم نحضر ونحتفل بفنان مسرحي شاب ونترحم على محمد العلي وبكر الشدي اللذين أقول لهما.. رحمكما الله، حتى ولو لم يخصص مكان أو مسرح باسميكما أو ندوة، فأنتما في قلوبنا". يذكر أن مسابقة العروض القصيرة في الدمام تضم مسابقات في التأليف والإعداد والإخراج والتمثيل بمشاركة "16" فرقة مسرحية من الرياضوالدمام والقطيف وسيهات والأحساء والطائف وجدة إضافة إلى عرض مستضاف من البحرين. إلى جانب إقامة ندوات تطبيقية حول العروض المقامة على أن تختتم المسابقة يوم الجمعة القادم، الموافق (4) ذو القعدة – 23 أكتوبر الجاري.