هبط مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له في العام 2009 وذلك عند مستوى 75.73 نقطة وهو أدنى مستوى له منذ أغسطس من العام 2008. جاء هذا الهبوط نتيجة لظهور بعض الشائعات حول اعتزام بعض الدول الكبرى ومعها دول الخليج لبحث تقييم النفط بعملة بديلة للدولار بالرغم من أن كثيرا من هذه الأطراف نفت القيام باجتماعات سرية لمناقشة هذا الأمر بل إن ردود بعض المسئولين أتت بشكل حاد كما في حديث كريستين لاجارد وزيرة الاقتصاد الفرنسي حينما أجابت عن سؤال بهذا الخصوص "تكهنات ..تكهنات .. لانحب التكهنات". وقد كانت صحيفة الإندبندنت البريطانية من أثارت هذا الموضوع حين نشرت الأسبوع الفائت خبراً يتحدث عن وجود مباحثات سرية بين الدول الخليجية والصين واليابان وروسيا وفرنسا لاستخدام سلة عملات بدلاً من الدولار الأمريكي في تسعير النفط. ومع ذلك لازال مؤشر الدولار بعيداً عن أدنى مستوى له خلال الأزمة المالية المسجل في مارس 2008 عند مستوى 70.66 نقطة. قمة قياسية للذهب كانت هذه الشائعة أحد العوامل التي دفعت بالذهب لتحقيق مستوى قياسي تاريخي عند سعر 1061.15 دولار في التداول الإلكتروني ليغلق عند مستوى 1049.60، ولم تكن هذه الشائعة بطبيعة الحال هي العامل الوحيد لصعود المعدن النفيس إلا أنها زادت من حدته، حيث لعبت المخاوف من مد تضخمي جديد بالإضافة إلى الشكوك القائمة حول خروج الاقتصاد العالمي من حالة الركود دوراً في الإقبال على شرائه، ولكون الدولار يعد العملة الاحتياط بعد المعدن النفيس، فإن استمرار الذهب في تحقيق مستويات سعرية جديدة حتى يثبت الدولار قوته ويخرج الاقتصاد الأمريكي من حالة الركود التي يعيشها. ما يعني أن الذهب مرشح للوصول إلى مستويات 1100 دولار للأوقية، وهذا من شأنه أن يتيح الفرصة لكثير من المستثمرين في تصفية مراكزهم عند هذه المستويات، وذلك لحدوث هذا الارتفاع بعد أن خرج الاقتصاد العالمي من أسوأ حالاته على الأقل مع وجود معدلات التضخم في مستويات ليست هي الأعلى ما يثير الشكوك حول حدوث فقاعة تحت شعار "الملاذ الآمن" يعود بعدها الذهب لمستويات متدنية مقارنةً بأسعاره الحالية. الجدير بالذكر أن الذهب يأتي كأحد الخيارات المطروحة كعملة بديلة إلى جانب حقوق السحب الخاصة أو سلة عملات لكنه يأتي كخيار أخير في ظل تعذر اعتماد حقوق السحب أو سلة العملات، هذا بطبيعة الحال في حال حدوث اتجاه حقيقي للبحث عن بديل للدولار. حركة العملات أمام الدولار لم يأتِ الضغط على مؤشر الدولار من قبل العملة الأكثر وزناً في هذا المؤشر وهي اليورو حيث لم يتجاوز مستوياته المسجلة خلال الشهر الفائت والتي كانت الأعلى له منذ أغسطس 2008، وكذلك فإن الدولار أمام الين لم يهبط لأدنى من مستوياته القياسية التي سجلها مطلع العام 2009. حيث جاء الضغط على الدولار الأمريكي من نظيره الأسترالي الذي عاد لمستوياته في أغسطس 2008 في ظل مراهنة المستثمرين على ارتفاع معدلات الفائدة مستقبلاً بالرغم من تمتعه حالياً بفائدة هي العلى بين العملات الرئيسية الأخرى وذلك بمعدل 3%، وفي الإطار ذاته عاد الدولار الكندي لأعلى مستوى له أمام الدولار الأمريكي حين هبط الأخير إلى مستوى 1.0409 مستجيباً مع تحسن معدلات البطالة بالرغم من تحقيق كندا لعجز تجاري قياسي خلال شهر أغسطس الفائت وصل إلى 1.99 مليار دولار كندي. وقبل أن ينهي الدولار تعاملات الأسبوع الفائت تلقى الدولار دعماً معنوياً جعله يقلص بعض خسائره أمام معظم العملات وذلك من خلال حديث بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي والذي أشار فيه إلى أن البنك المركزي الأمريكي سيكون مستعدا لتشديد السياسة النقدية مع استتباب انتعاش اقتصادي. السياسة النقدية والتغيرات القادمة لعل السياسة النقدية قد تكون الخيار القادم لمحاولة إعادة الثقة للدولار الأمريكي فمعدلات الفائدة المتدنية والتي تقترب من الصفر قد تسمح للمركزي الأمريكي بالتحرك صعوداً ولو بنسبة طفيفة، إلا أن هذا الأمر يواجه تحديات عديدة من أبرزها احتمالية استباق بعض البنوك المركزية لرفع معدلات الفائدة قبل قيام الفيدرالي الأمريكي بهذه الخطوة نتيجة تسارع معدلات الانتعاش الاقتصادي لهذه البلدان بوتيرة أسرع منها في الولاياتالمتحدة كما أشرنا سابقاً إلى الدولار الأسترالي، ومن التحديات التي تواجه الولاياتالمتحدة تأثير رفع معدلات الفائدة على الأسواق المالية، والتي لازالت تعد جزءاً من الانتعاش الاقتصادي الأمريكي. وبناءً على ذلك، فإن اقتراب المؤشرات الرئيسة في وول ستريت من مقاوماتها الصعبة كمستوى 10239 لمؤشر داو جونز الصناعي قد يكون موعداً لبداية تصحيح متوسط المدى لهذه الأسواق، وهو التوقيت الأنسب ربما لرفع معدلات الفائدة ليتزامن هذا القرار "فيما لو حدث فعلاً" مع قمة لأسعار الذهب وعودة قوية للدولار قد تستمر لأشهر، وسيكون الأمر أكثر وضوحاً مع الانتهاء من النتائج الربع سنوية للشركات الأمريكية والبيانات الاقتصادية خصوصاً المتعلق منها بالاستهلاك ومعدلات البطالة وبالتالي مدى الحاجة لاستمرار التحفيز الاقتصادي أم أن الاقتصاد أصبح قادراً على تصحيح نفسه بنفسه. قراءة لمسار الدولار كما سبق فإن الدولار لازال في مساره الهابط، بالرغم من محافظته على قاعه المسجل في مارس 2008، وبالنظر للرسم البياني نجد أن التصحيح الزمني للدولار قد استغرق 7 سنوات في رحلته التصحيحية الأولى بين الأعوام 1985- 1992 ليسجل قمته الأخيرة خلال العام 2002، ما يعني احتمالية انتهاء المسار التصحيحي بنهاية العام 2009 ليبدأ بعدها مسار صاعد قد يستمر قرابة العشر سنوات، وهو مايرجح احتمالية دخول الأسواق المالية في موجة تصحيح كما وسبق الإشارة إليه.