أكد تقرير اقتصادي أن الاقتصاد العالمي لازال يمر بفترة انكماش حاد نتيجة للأزمة المالية رغم التوقعات بنمو اقتصادي في العام المقبل, إلا أن التقرير اعتبر أن الآفاق الاقتصادية يكتنفها الغموض, مشيرا لتقارير صندوق النقد الدولي والتي تنبأت بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمعدل يتراوح بين %1.3 و 1.4 % في العام الجاري بيد أن التقديرات لمعدل نمو الاقتصاد العالمي في عام 2010 ستكون مرتفعة إلى %2.5 إلا أنها تبقى رهينة بانتعاش النظام المالي العالمي وانتهاج سياسات مالية ونقدية ذات قوة وفاعلية في الاقتصادات الرئيسة، مما يوفر الدعم للطلب الإجمالي. وتوقع التقرير الصادر من البنك الأهلي التجاري أن تشهد المملكة انكماشاً في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 1% في العام الجاري، نتيجة للانخفاض الكبير في مستوى إنتاج النفط وتراجعا في نمو القطاع غير النفطي قليلاً نظراً لضعف مستويات الاستهلاك الخاص والإنفاق الاستثماري ورغم ذلك، سيكون الإنفاق الاستثماري الحكومي هو الرافد الأكبر للنمو الاقتصادي في هذا العام؛ والفضل في ذلك للسياسات المالية النشطة التي تركز على الإنفاق الرأسمالي وأيضاً على التحفيز المالي غير المباشر للقطاع غير النفط , مشيرا أن الناتج المحلي الإجمالي الفعلي سيحقق نموا بحوالي 3% في عام 2010 ، مستنداً على إنتعاش الطلب العالمي ومستويات أعلى في إنتاج النفط. وذكر التقرير أن العجز في الحساب المالي بلغ نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث لجأت الحكومة إلى احتياطياتها المتراكمة لزيادة الإنفاق ودعم النمو الاقتصادي, أما الحساب الجاري، فيتوقع أن يسجل عجزاً أقل نسبياً ليبلغ 3% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يتوقع أن تنخفض الواردات إلا أن تحرك أسعار النفط الخام السعودي ارتفاعاً نحو متوسط 65 دولاراً للبرميل في عام 2010 ، سينعكس على الحسابين المالي والجاري ارتفاعاً لتحقيق فوائض. وبالنظر إلى انخفاض مستويات الدين المحلي وكبر حجم الاحتياطيات المالية، يرى التقرير أن المملكة ستكون قادرة على تجاوز تبعات الأزمة المالية العالمية خاصة مع ما قامت به مؤسسة النقد العربي السعودي لمواجهة الأزمة بتخفيف السياسة النقدية وضمان توفر السيولة.وقد انخفضت أسعار الفائدة فيما بين البنوك، وتحقق الآن الودائع نمواً أسرع من نمو الإقراض، الأمر الذي هبط بنسبة القروض إلى الودائع إلى 77 %. غير أن نمو ائتمان القطاع الخاص لا يزال متباطئاً نتيجة لانخفاض الطلب على الاستثمار واتباع إجراءات أكثر تقييداً في الإقراض المصرفي، بالإضافة إلى ذلك فإن توفر التمويل المقوم بالدولار لا يزال محدوداً , لافتا إلى أن البنوك السعودية خاضت غمار الأزمة المالية العالمية من مركز أقوى مقارنة بنظيراتها من المؤسسات المالية العالمية في اقتصادات الدول المتقدمة. وفي حين تمكن القطاع المصرفي السعودي من استيعاب واجتياز معظم التبعات الأولية للأزمة، يظل التحدى القائم هو التعامل مع الجولة الثانية من التأثيرات العائدة لتباطؤ الطلب المحلي. وأكد التقرير أن موجة الصعود في أسعار السلع التي بدأت في عام 2003 قد وصلت إلى نهاياتها في شهر يوليو من عام 2008 ، وقد أسهمت مجموعة من العوامل في استمرار الارتفاع في أسعار السلع خلال السنوات القليلة الماضية، من بينها الطلب القوي في الاقتصادات الناشئة وانخفاض سعر صرف الدولار وزيادة نشاط صناديق السلع الاستثمارية واختلالات في جانب العرض غير أن عدد من العوامل عكست توجهها في منتصف عام 2008 ، حيث أدى ضعف الطلب العالمي وعملية سداد الديون في النظام المالي العالمي إلى تعاظم وتيرة الضغوط المثبطة على كافة أسعار السلع. وفي الفترة ما بين شهري يوليو وديسمبر من عام 2008 هبطت أسعار النفط بحوالي 60 %، في حين تراجعت أسعار السلع غير النفطية بنحو 40 %. ونتوقع أن يظل النمو في أسعار السلع محدوداً في عام 2009 ، متماشياً مع ضعف الطلب العالمي وفوائض الطاقة الإنتاجية في حالتي النفط والمعادن الأساسية مثل النحاس والألمونيوم. ومن ناحية أخرى سيسهم الابتعاد من المخاطر في رفع أسعار المعادن النفيسة مثل الذهب، الذي تجاوز الأزمة بوضع متميز للنجو من تبعاتها. واعتبر التقرير العام الماضي نهاية موجة الازدهار الاقتصادي الطويلة المدى بالمملكة العربية السعودية حيث اتسم الأداء الاقتصادي بالاستثنائية خلال السنوات القليلة الماضية. وفي الفترة ما بين عامي 2003 و 2007 بلغ متوسط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي حوالي 5% سنوياً خاصة أن القطاع النفطي يقود الاقتصاد السعودي بأكمله هبوطاً في الأداء، حيث لا يزال هذا القطاع يهيمن على اقتصاد المملكة, مراهنا في ذات الوقت على أن يكون الانفاق الاستثماري الحكومي هو القوة الدافعة الرئيسة للنمو الاقتصادي في العام الجاري.