ليس تعلّم " ثقافة الفرح " وحدها ما يحتاجه أبناؤنا ، وإنما يحتاجون أيضاً دروساً مكثفة في الوطنية ، وفي تقوية الوازع الديني ، والمسؤولية الاجتماعية تجاه حفظ وصون ممتلكات الوطن وممتلكات الغير ! فما يحدث في مناسباتنا الوطنية والدينية والرياضية من شغب شبابي في التعبير المنفلت عن مشاعر الفرح يحتاج إلى إعادة ترتيب أوراق وأولويات أولياء الأمور ، والتربويين ، والنفسيين ، والأخصائيين الاجتماعيين ، والدعاة ، وكذلك المدربين التأهيليين القائمين على تنفيذ الدورات وورش العمل الاجتماعية والتربوية ، والعاملين في نطاق تطوير المناهج الدراسية . ومع ذلك .. أتساءل : " ماذا استفدنا من جلد شباب الخبر والدمام - العشرين - الذين قاموا بتخريب بعض الممتلكات خلال احتفال الوطن بعيده الوطني " ؟ هؤلاء الشباب ، ومنهم أحداث ، حصل كل واحد منهم على 30 جلدة ، وبقي هناك 60 شاباً وحدثاً مازالوا قيد التحقيقات . إذا فرضنا أن العظة من هذه العقوبة هي أن يخاف الباقون ويتجنبوا الفرح اللامسؤول في التعبير عن أفراحهم ، فاعتقد أن العظة لم تحصل على نطاقها الواسع الذي يحقق الفائدة ، لأن الجهات المعنية منعت التصوير في المكان الذي تم فيه الجلد ، وفقاً للأخبار المنشورة ، وهذا يعني أن الذين رأوا الجلد هم القلة التي تجمهرت في المكان لحظة تنفيذ الحكم – فقط – بينما لو تم السماح بالتصوير لرأينا المشاهد وقد عممت على الانترنت والجوالات ووصل تأثيرها المتوقع إلى نفوس الملايين – حتى لو تمت تغطية وجوه الشباب المجلودين عند جلدهم " هذا في حال كان المقصود من منع التصوير هو عدم التشهير". أقول هذا فرضاً .. وفي الحالتين ، أنا – والكثيرون ممن حولي - كنا نتمنى لو تمت معاقبة هؤلاء الشباب بتغريمهم مالياً عن الأضرار وإجبارهم على القيام بأعمال اجتماعية أو خدمية - ضمن مدة محددة - تخدم المجتمع ، وتعلمهم كيف يكون الالتزام والرجولة والتعامل المنضبط مع المجتمع ، مع إعطائهم دروساً مكثفة تنمي روح الوطنية وتعزز القيم الدينية والأخلاقية والتربوية في نفوسهم . فهؤلاء الشباب والأحداث هم بالنهاية أغرار صغار يحتاجون للتربية والتوجيه أكثر من حاجتهم إلى عصا تروّعهم . وقد سبق لنا كثيراً أن نادينا بالعقوبات البديلة عن الجلد ، خاصة في حالات كهذه ، واستجاب لها بعض القضاة مشكورين ، ونحن في انتظار أن يستجيب الباقون ويأخذوا بنداءاتنا قيد التنفيذ ، لمصلحة الوطن والمواطن ، بدل أن تتطاير في مهب الريح .