عندما تتبنى المملكة العربية السعودية ممثلة في هيئة الاستثمار برنامج 10/10 والذي يهدف إلى جعل المملكة أحد الدول العشر الأولى في بيئة الاستثمار عام 2010 فهذا بلا شك نهج رائع وتفكير استراتيجي يصب في مصلحة الاقتصاد السعودي بشكل عام وعندما تتقدم المملكة من المراتب المتأخرة لتقفز وتصل للمرتبة 13 عالمياً حسب التصنيف الصادر من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي والاقتراب شيئا فشيئا نحو الهدف فهذا هو النجاح بكل المقاييس وهذا دليل على أن الخطة الاستراتيجية التي تم إعدادها كانت ولا زالت ناجحة ، ولكن عندما تأتي بعض القرارات والتي تخالف هذا التوجه فلا بد هنا من الوقوف ومعرفة سلبية هذا القرار ليس فقط في جانب واحد ولكن في جوانب عده تهم اقتصادنا القوي والمتين. بالأمس القريب صدر قرار بمنع قناة أبوظبي الرياضية من بث مباريات الدوري السعودي وإلغاء العقد بسبب انتقادات طالت المنتخب السعودي لكرة القدم إثر الخروج من تصفيات كأس العالم ولا أريد أن أخوض هنا في الرياضة فلست متخصصاً ولا بخبير رياضي وليس هناك متسعاً لذلك ولكن سأتناول الخبر من جانب اقتصادي بحت. السوق السعودي من أكبر أسواق المنطقة قاطبة وجميع أعين الاستثمار تخاطب وده ويسيل لعاب الشركات والمؤسسات الاستثمارية لهذا السوق الكبير ، والإصلاحات الاقتصادية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله ووفقه ساهمت في جعل المملكة أهم دول المنطقة ولاعباً رئيسياً في اقتصاد العالم وما دعوة المملكة لقمة العشرين إلا شاهد ودليل على ذلك ، الأزمة العالمية ساهمت في توجيه نظرة المستثمرين للمملكة باعتبارها من أقل دول العالم وليس المنطقة فقط تضررا ولا يوجد آثار سلبية كبيرة من جراء هذا الأزمة وبالتالي هذه فرصة ذهبية لجلب الأموال بشكل أكبر واستقطاب الاستثمارات من دول أخرى تضررت ورب ضارة نافعة فعندما تغلق أبواب تفتح أبواب أخرى. الرياضة أحد المجالات المهمة في الاستثمار وقناة أبوظبي مستثمر أجنبي يشتري الحقوق ويستثمر في الأندية ويستأجر الاستوديوهات ويشغل موظفين ويستخدم التقنية والاتصالات وعندما يتم منعه من هذا فهناك بلا أدنى شك أثار سلبية كبيرة وتبعات تجر خلفها تبعات أخرى مفادها أن الاستثمار الأجنبي لا يقف على أرضية صلبة وهناك أكثر من مستثمر أجنبي سيفكر ألف مرة قبل الاستثمار في المملكة وهذا ما يتعارض مع النظرة التي تتبناها الهيئة العامة للاستثمار والتي ساهمت في تقدم المملكة إلى المرتبة 13 عالمياً. نحن هنا لا نتكلم عن الرياضة فقط ولكن في جميع المجالات واستشهدت هنا فقط بقناة أبوظبي الرياضية لكي تصل الفكرة بشكل أسرع وأوضح ، والمملكة تسير حالياُ في الطريق الصحيح نحو المضي قدماً إلى مصاف الدول العالمية الكبرى والمؤثرة اقتصادياً لتوفر عوامل النجاح ولوجود إصلاحات اقتصادية كبرى ساهمت في ذلك ولتعهد الدولة بإنفاق 400 مليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة على المشاريع والبنية التحتية والتي ستغير معالم المملكة خلال العقد القادم وستكون المملكة محط أنظار العالم. يقول البروفسور الأمريكي المشهور وأستاذ الإدارة في جامعة هارفارد مايكل بورتر في النظرية التي قام بتنظيرها PEST Analysis وهو تحليل البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية ، إن من أهم ما تبحث عنه الشركات والمؤسسات لدخول سوق معينة هي الأنظمة والتشريعات فمتى ما كانت واضحة ومفهومة ولا تبنى على قرارات فردية فعندها سيكون دخول المستثمر كبيراً وآمناً ومتى ما كانت العكس فلن يجازف المستثمر بالدخول وضخ الأموال لأنه ببساطة يبحث عن الأمان وليس غيره ، فهل بعد قرار منع المستثمر الأجنبي (قناة أبوظبي) من حقوقها التي وقعتها بعقد وتم فسخ العقد فهل هذا سيجلب الاستثمارات الأجنبية للرياضة السعودية ؟ وهل هذا القرار يتوافق مع احتلال المركز 13 وفقاً لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال، الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر عن مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، الذي يقوّم بيئة الأعمال في 183 دولة ومدى تنافسيتها الاستثمارية ؟ وهل هذا في صالح الاقتصاد بشكل عام ؟ أم أن برنامج 10/10 الذي تتبناه الهيئة العامة للاستثمار سيكون في تاريخ 10/10 موعداً لطرد المستثمر الأجنبي (قناة أبوظبي) من الدوري السعودي باعتبارها آخر المباريات التي تنقلها ؟ حقاً إنها صدفة ففي يوم 10/10/1430 يتم مخالفة برنامج 10/10 ...! * الرئيس التنفيذي لشركة رأيك العقارية