يفرض الوجود النووي في ديمونة بإسرائيل الحرب الباردة التي يجسدها السباق النووي في إقليم الشرق الأوسط، وعلى الرغم من هذه الحقيقة رفض وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك مقارنة وضع إسرائيل النووي بوضع غيرها من دول هذا الإقليم أو حتى بدول العالم الإسلامي، مقرراً بأن إسرائيل لن تفكر في نزع سلاحها النووي إلا بعد أن يبدأ العالم الإسلامي من مراكش إلى بنجلاديش التصرف مثل أوروبا الغربية. ينسى أو يتناسى وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك أن أوروبا الغربية دخلت في سباق التسلح النووي بعد الحرب العالمية الثانية لتواجه خطر وجود السلاح النووي في يد الاتحاد السوفياتي وأدى هذا الإحساس بالخطر إلى تكتل أوروبا الغربية في حلف شمال الأطلنطي (الناتو) بزعامة الولاياتالمتحدةالأمريكية، ودخلت هذه الكتلة الغربية في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي وتكتله مع دول أوروبا الشرقية في حلف وارسو، وأدى التفوق النووي عند الطرفين إلى ما عرف في تلك المرحلة الممتدة من سنة 1945م بعد الحرب العالمية الثانية، إلى سقوط الاتحاد السوفياتي في عام 1991م على يد ميخائيل جورباتشوف بالشلل النووي الذي حكمه الخوف من كل طرف من الآخر لما يحققه هذا السلاح النووي من دمار شامل للأرض والحياة عليها، بل وصل التنافس النووي بين الطرفين أن كل واحد منهما يمتلك قدرة نووية قادرة على تدمير الكرة الأرضية لعدة مرات، وعبَّر عن هذه الحقيقة فيلم سينمائي أمريكي اسمه «اليوم التالي» يصور فيها الحياة على الأرض بعد اندلاع حرب نووية بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها وبين الاتحاد السوفياتي وحلفائه، ويظهر في الفيلم عودة الحياة بالأرض إلى البدائية بعد أن دمرت كل وسائل العصر الحديث من طائرات وسيارات وسبل الحياة الأخرى من تقدم تكنولوجي، وأصبح الإنسان الذي نجا من الموت يعاني من مرض عضال دون أن يجد الطبيب الذي يداويه أو الدواء الذي يشفيه خصوصاً بعد أن تلوثت الدنيا بالإشعاع النووي. نقول لوزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك: هكذا تصرفت أوروبا الغربية عند إحساسها بالخطر النووي السوفياتي، وهكذا سيتصرف العالم الإسلامي والعالم العربي في مواجهة التحدي النووي الإسرائيلي وأدى هذا السباق النووي إلى شروق العصر النووي في باكستان وأطلقت عليه تل أبيب القنبلة النووية الإسلامية وأخذت تهاجم إسلام أباد وتتحد مع نيودلهي العاصمة الهندية على الرغم من امتلاكها السلاح النووي، ونحن هنا نرحب بالسلاح النووي الإسلامي في باكستان لأنه يحقق شيئاً من التوازن مع السلاح النووي الصهيوني الذي تمتلكه إسرائيل من بعد العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956م بعد أن أعطت باريس العاصمة الفرنسية سبل إنتاجه لإسرائيل من خلال مفاوضات قام بها شيمون بريز مع قادة الجمهورية الرابعة الفرنسية. هذا الإحساس بالقوة النووية في إسرائيل جعل وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك يؤكد في مقابلة له من صحيفة يديعوت احرونوت لا يستطيع أحد أن يهدد إسرائيل فهي قادرة على حماية نفسها كما أن إسرائيل لم تهدد أبداً وجود أي دولة في منطقة الشرق الأوسط وإنما أعداء إسرائيل هم الذين يحاولون بين وقت وآخر العمل على تدميرها ولكنها قادرة على حماية نفسها من كل محاولة عدوان عليها. تتضح المغالطة من حديث وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك لأن إسرائيل منذ بداية قيامها انتهجت سبيل العدوان على فلسطين في يوم 15 مايو 1948م وساعدها على هذا العدوان بريطانيا تنفيذاً لوعد بلفور، ومن خلال وجودها كدولة منتدبة على فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية في سنة 1945م وانطبق على بريطانيا في تلك المرحلة المثل الشعبي القائل «حاميها حراميها» وتبع هذا العدوان في نشوء إسرائيل العدوان الثلاثي على مصر في 1956م وتبعه العدوان الإسرائيلي على العالم العربي في عام 1967م وبنظرة موضوعية نستطيع القول إن إسرائيل تمارس عدوانها على جيرانها العرب في الشرق الأوسط طوال ثلاثة عقود زمنية متتابعة بدأت في عام 1948م العدوان الأول، وتبعه في عام 1956م العدوان الثاني، وتبعهما في عام 1967م العدوان الثالث، الذي استولت به على كل أراضي فلسطين وتواصل رفضها الانسحاب منها، واحتلت بها مرتفعات الجولان السورية وترفض الانسحاب منها، وتواجدت في صحراء سيناء وانسحبت منهابعد هزيمتها في حرب 1973م وما تبعه من تفاوض في كامب ديفيد أدى إلى خروجها منها، هذا بجانب عدوانها المتكرر على لبنان وطردها منه بقوة السلاح، ولكنها احتفظت تحت استعمارها بمزارع شبعا اللبنانية، بجانب تطاولها بالعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية التي تحاول الغاء مظاهرها العربية والعمل على تهويدها، وهو عدوان محرم لأنه يمثل استعماراً استيطانياً تحرمه كل الشرائع السماوية وكل أحكام القانون الدولي العام، وكان آخر عدوانها على قطاع غزة الذي ضربت فيه بدون وعي منها المدنيين وقتلت الآلاف منهم مما دفع منظمة الأممالمتحدة أن توجه إلى رموز الحكم في إسرائيل ارتكاب جريمة إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتطالب بمثول حكام إسرائيل أمام المحكمة الجنائية لمحاكمتهم على جريمة الحرب التي ارتكبوها ضد الإنسان الأعزل في قطاع غزة وقامت بقتلهم بصورة جماعية. يزيد من هذا العدوان الإسرائيلي أن رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يرفض القبول بالمبادرة العربية التي تطالب بانسحاب إسرائيل من كل الأراضي العربية في مقابل تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل وأخذ يطالب بأن على العرب إظهار حسن النية التي ظهرت عندهم بالمبادرة العربية، وهذه الحقيقة دفعت جورج ميتشل المبعوث الأمريكي يطالب بمرونة من قبل إسرائيل التي ترفض بشدة، وهذا يدحض ما قاله وزير الدفاع ايهود باراك لأن إسرائيل تواصل عدوانها على العرب.