«كل عام وأنتم بخير».. تحية تهنئة باتت تتكرر على مسامعنا في كثير من المناسبات مثل الأعياد وبداية السنة الهجرية والعودة إلى المدارس وغيرها، وكما أن علماء الشريعة تناولوا هذه اللفظة من حيث مشروعية قولها في بعض المناسبات مثل مناسبة بداية السنة الهجرية الجديدة، فإن علماء اللغة والنحو مازالوا في اختلاف حول إعراب هذه الجملة وحول خطأ وجود حرف الواو بين كلمتي "عام" و"أنتم" حيث يرى أغلب أهل النحو والمجمعات اللغوية أن الواو في هذه الجملة لا أصل لها، وأن الصحيح أن يقال «كل عام أنتم بخير»، لكن هناك قلة من النحويين يرون بجوازها. من هؤلاء الأستاذ عبدالله بن مرعي مشرف اللغة العربية بتعليم النماص حيث أوضح أن هناك من يعترض على جملة التهنئة المشهورة كل عام وأنتم بخير من الناحية اللغوية، معللاً ذلك بأن الصحيح أن تقول كل عام أنتم بخير بدون الواو قبل أنتم، وبعد استعراض استخدامات الواو في اللغة العربية كواو الحال وواو المعية وواو العطف والواو الابتدائية تبين لي أنها من النوع الأخير أي الواو الابتدائية، فيكون كل عام مبتدأ مكوناً من مضاف ومضاف إليه إذ لا يجوز الابتداء بالنكرة والواو ابتدائية والضمير المنفصل أنتم مبتدأ ثان والجار والمجرور في محل رفع خبر للمبتدأ الثاني وجملة أنتم بخير الاسمية في محل رفع خبر للمبتدأ الأول كل عام وهذه الجملة لها نظير في اللغة العربية نستعمله كل يوم في صلاتنا وهي جملة ربنا ولك الحمد مع فرق بسيط في إعراب الكلمة الأولى ربنا فهي منادى إذ إن أصلها ربنا لك الحمد، وقد ورد اللفظ الأخير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكننا نستخدم اللفظ الأول لكونه أكثر وروداً ولزيادة تأكيد الكلام كما سيأتي وهذه الجملة منقولة بالتواتر من عهد النبوة إلى اليوم فكيف نقول بعد ذلك إن جملة كل عام وأنتم بخير خاطئة، وقد يسأل سائل ما الفائدة من الواو فنقول إنها تفيد التأكيد فجملة الدعاء كل عام وأنتم بخير أقوى في التأكيد من كل عام أنتم بخير. ويرى الأستاذ بن مرعي ان مجمع اللغة العربية بالقاهرة قد أجاز استعمالها، في حين يرى أحد الشيوخ المهتمين بالنحو فضل عدم ذكر اسمه أن الواو الابتدائية يجب أن يكون بعدها جملة لا تتعلق بما قبلها معنى ولا إعرابا فإذا كانت الواو ابتدائية فكيف تفيد التأكيد! أما قول ربنا ولك الحمد فهي مغايرة تماما لكل عام وأنتم بخير، ولا وجه للصلة بين الجملتين بحال من الأحوال، ولا يقول بهذا القياس أحد وتخريج العبارة من جهة النحو شيء والحكم عليها بالركاكة والضعف اللغوي والمعنوي شيء آخر، أما القول أن كل عام مبتدأ مكون من مضاف ومضاف إليه إذ لا يجوز الابتداء بالنكرة فإن كل عام: ليس معرفة كما ذكر الأستاذ عبدالله بل نكرة، إذ المضاف للنكرة لا يكتسب التعريف فهي نكرة إذن ومسوغ الابتداء الإضافة أما القول بأن الواو هنا لا معنى لها قول متجه، ولو قيل بصحتها وتوجيهها إعرابا فالكل حتى من وجهها توجيها سليما متفق على أن هذا التركيب ركيك من جهة اللغة. وعلى الرغم من هذه المساجلات بين النحويين فإن الناس غالبا غير مستعدين للتخلي عن هذه الواو حتى ولو اقتنع بعدم أصل الواو من منطلق المثل الذي يتناقله العامة في مجالسهم "خطأ مشهور خير من صواب مهجور".