تتذكر نجاح جبجي من مخيم عسكر بحسرة تلك الايام التي كانت فيها مدينة نابلس تزدحم بالناس خلال شهر رمضان، فتغدو في ساعات النهار سوقا لمختلف المأكولات والحلويات، وفي الليل "مهرجانا" يقصده الكبير قبل الصغير لمشاهدة الطقوس والعادات الرمضانية المتوارثة منذ اقدم العصور. " كانت نابلس خاصة بلدتها القديمة تضيق باهلها وبالوافدين اليها من مختلف مناطق الضفة الغربية واراضي 48، خلال شهر رمضان نظرا لاجوائها المميزة وانخفاض الاسعار فيها، حيث يقبلون على شراء الكنافة النابلسية والقطايف والعصائر بمختلف انواعها والمخللات والخبز البلدي وغيرها من الاطعمة الرمضانية. "قطايف الباشا الاشهى في نابلس كانت رائحتها خلال شهر رمضان تملأ المكان وتشعر عابر السبيل بخصوصية الشهر الفضيل. وقد كان الناس في الماضي يصطفون على الدور من اجل الحصول على ما يحتاجونه من "حلوى الصيام". اما الان فليست هناك تلك الاعداد من المنتظرين. وكذلك الامر بالنسبة لحلويات الاقصى الاكثر شهرة في صناعة الكنافة النابلسية، حيث كان البيع على الطلب اما الان فالكنافة متوفرة في كل الاوقات". ومن اهم العادات الرمضانية التي تفتقدها نجاح جبجي، ما يعرفه النابلسيون ب "السوق نازل" حيث تنطلق مجموعة من الفتية والاطفال من محيط مسجد النصر وسط البلدة القديمة بعد المغرب، وهم يحملون الشموع والفوانيس ويرددون الاناشيد والادعية الرمضانية امام الجموع التي تاتي خصيصا لتشاهد "السوق نازل". وتقول جبجي " هناك عادات وطقوس جرى الاقلاع عنها قسرا، بسبب قوانين الاحتلال وفي مقدمتها مدفع رمضان كونه يبقى "المسحراتي" الغائب الابرز عن المشهد الرمضاني العام في نابلس وسواها من المدن الفلسطينية، وان كان لا يزال هناك في بعض المناطق تواجد محدود لهذا الشخص الذي يعكس اسمه مهمته في ايقاظ الناس على موعد السحور. وتعزو جبجي تراجع مهمة "المسحراتي" في نابلس بالدرجة الاولى الى الظروف الصعبة التي عاشتها المدينة بمختلف احيائها ومخيماتها وتقول جبجي ان اجواء شهر رمضان لم تعد بذات النكهة التي كانت عليها في الماضي، وما تبقى من هذه الاجواء يكاد ينحصر في صلاة التراويح ، و"العزومات" التي يتناوب عليها الاقارب والاصدقاء طيلة الشهر الفضيل. وتضيف: بخلاف الايام العادية كل يوم هناك وجبات جديدة، ومن اهمها المقلوبة والمنسف والمسخن والدوالي والكوسا والدجاج المحشي، اضافة الى المقبلات مثل السلطات والفتوش والحمص والمخللات والزيتون والحلويات المتنوعة وعصائر السوس والخروب والتمر هندي. خالد سليم موظف حكومي، يقيم واسرته الصغيرة في رام الله، ويحرص خلال شهر رمضان على قضاء ايام الاجازة في قريته الفندقومية بمحافظة جنين، "فالافطار مع الاهل له طعم خاص لا يشعر به الا من يعيش بعيدا عنهم". ويرى سليم الذي يقيم في رام الله، ان هناك الكثير من المظاهر والعادات تغيرت بالنسبة لشهر رمضان، "ولم يعد رمضان بالنسبة للكثيرين شهرا للعبادة بل مناسبة لاقامة الولائم والمبالغة في اعداد الاطعمة والمشروبات. ولعل من يتجول في شوارع رام الله عصرا يمكن ان يشهد الازدحام في سوق الخضار ومحال الحلويات واللحوم وسواها ". المنسف