إن من دروس هذا الشهر المبارك توحيد الناس وجمعهم على ما يرضيه سبحانه وتعالى فالمسلمون جميعاً يبدؤون صومهم ببزوغ الفجر وينهون صومهم بغروب الشمس فكلهم أمسك عن الطعام والشراب في وقت وأفطر في وقت واحد وهذا مثال على الوحدة وهذا درس يعلمنا التوحد والاجتماع على الخير وأيضاً مما رغب فيه النبي عليه الصلاة والسلام أن يفطر الصائم على تمرات فإن لم يجد فعلى ماء فهذا أيضاً حثاً على توحد وفعل سنة يحبها النبي صلى الله عليه وسلم وهي البدء بتمرات، فكل المسلمين يبدؤون ويستنون بسنته في ذلك. ومن دروس هذا الشهر العظيم التراحم (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) ويقول سبحانه وتعالى (محمدٌ رسول الله والذين آمنو أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود) فالمؤمنون يتراحمون فيما بينهم وخصوصاً في شهر المغفرة والرحمة والرضوان فالله سبحانه وتعالى يفيض ذلك على عباده ويجعله فيما بينهم يتراحمون ويحسن بعضهم إلى بعض ويتعاونون في البر والتقوى، ومما وجه به النبي عليه الصلاة والسلام في تضييق مجرى الشيطان من ابن آدم قوله صلى الله عليه وسلم "فعليه بالصوم فإنه له وجاء" يعني أنه يمنع الصائم من اتباع الشيطان واغوائه ويضيق مجاريه التي يجري فيها من الدم، وإذا ضيق على الشيطان ضعف تأثيره على الصائم، وفي حديث آخر يبين النبي عليه الصلاة والسلام أن الصائم ينبغي عليه أن يبتعد عن كل ما فيه إساءة للناس وفيه مضارة وشقاق، يقول صلى الله عليه وسلم في حق الصائم "فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم" فالصائم محجوب بصومه عن كل ما يسيء إلى الناس ويضر بهم كما أنه محجوب عن كل ما يبعده عن مولاه ويضر بنفسه، فهذا درس من دروس الصوم العظيمة التي ينبغي أن لا تفوت على أحد. وأن مما يبعث على الأسى أن يغفل بعض المسلمين عن هذا الدرس العظيم من دروس الصوم فلا يتراحمون فيما بينهم ولا يحسن بعضهم إلى بعض في القول أو الفعل، بل ترى ضد ذلك من مظاهر الإساءة والتعدي على الناس وسوء الخلق وإساءة القول والفعل، وفي هذا تفويت لدرس من دروس الصوم وحكمة من حكمه العظيمة. وإن مما كدر الخاطر وبعث على الأسى ما وقع في الأسبوع الماضي من التخطيط للاعتداء على صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية، وما كتبه الله سبحانه وتعالى من إفشال ذلك المخطط وعودة مدبريه بالخيبة والخسران، ومن تدبر قصة ذلك الحادث أدرك عناية الله عز وجل وحفظه للأمير محمد وأدرك بُعد هؤلاء الأغرار عن دروس الصوم التي شرع الله عز وجل الصوم لها. فقد كان الأمير عطوفاً رحيماً محباً للناس ومحباً لعودة ورجوع من حاد عن الطريق واعتنق الفكر التكفيري وطريق الإفساد، فقد فرح الأمير حينما هاتفه المعتدي مظهراً التوبة والرغبة في مقابلة الأمير لأمر مهم، فما كان من الأمير إلا ؟أن فرح بذلك وسارع بإرسال من يأتي به لمقابلته وفي أثناء ذلك وحال جلوس هذا المنتحر وليس بينه وبين الأمير إلا كرسي واحد تفاجأ من كان في المجلس بانفجار نتج عنه تقطع هذا المنتحر إلى أشلاء، ونجاة الأمير وسلامته بفضل الله وعنايته وكل من سمع القصة من خلال وسائل الإعلام ورأى أحداثها أدرك عناية الله سبحانه وتعالى بالأمير محمد وأدرك عناية الله عز وجل بهذا البلد وقيادته وأفراد شعبه. فاللهم إنا نسألك أن تحفظ على هذه البلاد أمنها وإيمانها وولاة أمرها. وأن ترد كيد الكائدين في نحورهم. * كاتب العدل بالرياض