لا تزال البحوث والدراسات على مر السنين تحاول أن تبحر في ذات النفس البشرية بهدف كشف ما أستجد فيها لفهم تراكيبها المعقدة؛ حتى يتمكن الإنسان من تحقيق المواءمة بين نفسه ومتغيرات الحياة، والعيش من دون صراع وازدواجية بين ذاته والواقع المعاش. ولعل مؤشر أنماط "مايرز بريقز" لسمات الشخصية الطبيعية (mbti) إحدى هذه الأدوات التي ذاع صيتها مؤخراً خصوصاً بين الشباب، وأصبحت في بعض الدول المتقدمة أحد الاختبارات الهامة للحصول على الوظيفة المرموقة للشخص المناسب. وأوضح المحاضر في التنمية البشرية وتطوير الذات والمدرب في علم أنماط الشخصية الطبيعية MBTI الأستاذ محمد وليد عسيري، أن ذلك المؤشر عبارة عن مقياس وأسلوب لاكتشاف أنماط الشخصية الطبيعية للبشر عبر تقسيمهم إلى 4 أمزجة ثم إلى 16 شخصية، مبيناً أنه يعتمد أساساً على التفضيل الطبيعي للفرد وميوله في الحياة، منوهاً بأنه نتاج دراسات وأبحاث منذ عام 1932م. وقال وبعد أن تسلمت الأبحاث امرأتان "ايزابل مايرز" و"كاثرين بريقز" (أم وابنتها) في الولاياتالأمريكيةالمتحدة، وعكفتا على دراسة الموضوع لمدة تربو على 40 عاماً، تم تأليف المؤلفات وإقامة المؤتمرات والدورات التدريبية في هذا الشأن واستخداماته، مبيناً أنه يستخدم تقريباً في جميع التخصصات الصحية والعلاج النفسي والإدارة والتعليم والتدريس، وقد تمت ترجمته لعدة لغات، واعتماده في أغلب دول العالم". وعن مراحل تحديد الشخصية بالعودة إلى هذا المؤشر، أكد عسيري أن لكل شخصية شروحا وتفاصيل عميقة وتطبيقات هائلة تمكن الفرد من التوصل إلى مرحلة التوافق النفسي، من ناحية فهم الذات والسلام الداخلي المنشود، ومن ثم حسن التعامل مع الآخرين وفهمهم من خلال تعلم شخصيات الآخرين، حتى يتحقق السلام الخارجي. وعلل سرعة انتشار علم أنماط الشخصية بشكل لافت بين أوساط المهتمين وخصوصاً الشباب، إلى سهولة استخدامه، ودقة نتيجته، وفاعلية تطبيقه، وكذلك إمكانية تسخيره وتشكيله والاستفادة منه من قبل جميع قطاعات المجتمع، وكافة الأماكن والوظائف، سواءً في المنزل والعلاقات الأسرية والزوجية والتربية والتعليم وحل مشاكل الطلاب والطالبات والأطفال، أو في الاستشارات والعلاج النفسي والإقناع والبيع والتفاوض والإبداع والتخطيط وإدارة تنمية الشخصية. وبين أن لدى الإنسان حاجة فطرية دائماً لفهم نفسه والآخرين، ويظهر ذلك جلياً عندما يسأل نفسه من حين إلى آخر (من أنا؟ ولماذا تصرفت بهذه الطريقة؟ ولما لا أكون مثل فلان؟)، ولم يجد جواباً، فيبدأ بتعليق كل شيء على التربية والأسرة والحكومة والسحر والوراثة، موضحاً أن كل ذلك نتيجة لشخصيته الطبيعية، وأنه حتماً سيجد ضالته في علم أنماط الشخصية MBTI.