ليس ببعيد عن ميدان نصب "يد فاشيم" (أقيم لذكرى ضحايا الهولوكوست) في القدس تقف سيارة بيضاء، لوهلة يخيل للناظر إليها أنها حافلة صغيرة، أو سيارة إسعاف. وفي الحقيقة هي واحدة من 36 سيارة أخرى استخدمت نهاية الحرب العالمية الثانية لنقل آلاف الأسرى من معسكرات الاعتقال النازية في ألمانيا الى السويد. ويقول الموقع الرسمي ل "ضحايا النازية" إن قافلة الإنقاذ هذه ساهمت في إخراج 27 ألف أسير من ألمانيا، بينهم عدة آلاف من اليهود غالبيتهم من النساء. وبحسب المؤرخ يهودا بؤأر فإن عدد الناجين بلغ 21000 شخص بينهم 6500 يهودي. إن الضجة التي افتعلها وزير الخارجية افيغدور ليبرمان حول ما نشرته صحيفة "افتونبلادت" السويدية ليست في محلها، لأن الحكومة في أي دولة تحترم حرية الصحافة ليست مسؤولة عن ما يكتب في الصحف. كما أن مجرد طلب ليبرمان أن "تدين" حكومة السويد المقال يدل على أن المصطلحات السوفياتية لا زالت حاضرة في ذهنه. كما أن المقارنة بين رفض السويد لإدانة المقال وبين صمتها على ما يبدو إبان الفترة النازية، لن تساعد السياسة الخارجية الإسرائيلية أكثر من الايديولوجيا المتطرفة لحزب "إسرائيل بيتنا". كذلك من الناحية التاريخية لا مكان لمزاعم ليبرمان هذه. فقد سبق أن توجه ملك السويد غوستاف الخامس للزعيم الهنغاري الادميرال هورتي طالباً منه منع طرد اليهود من بلاده، وهذا يدل على أن السويد ساهمت في إنقاذ حياة 20 ألف يهودي آنذاك. وككثير من الدول الأخرى لم تهرع السويد لمساعدة اليهود المطاردين في ثلاثينيات القرن الماضي، وخاصة في ألمانيا والنمسا، ولم تسمح إلا للقليل منهم بالبقاء في أراضيها. وعليه يمكن القول إن السويد تتحمل جزءاً من المسؤولية عن مقتل اللاجئين اليهود الذين لم تسمح لهم بدخول أراضيها وجعلتهم عرضة لبطش النازيين بهم. هذه هي التهمة التي يمكن توجيهها لكل دولة منعت اللاجئين من دخولها على الرغم من اليقين التام بأنهم سيقتلون. خلال الحرب بقيت السويد محايدة، وكان الكثير من السويديين يعتاشون من التبادل التجاري مع ألمانيا النازية، وأمدوهم أيضاً بالعتاد الحربي. ومن المحتمل جداً أن ينظر السويديون الى التاريخ بفخر لو أنهم انضموا آنذاك للمعسكر المعادي للنازية. وفي كل الأحوال ساعدت حيادية السويد المنظمات المختلفة على العمل وإنقاذ المطاردين من استوكهولم. وتم الكثير من عمليات الإنقاذ بعلم الحكومة، وأحياناً بمبادرة منها. في أكتوبر عام 1943 سمحت السويد بدخول 8000 يهودي قادمين من الدنمارك، وفي صيف العام 1944 بادرت الى توزيع سندات مالية لرعاية 4500 يهودي في بودابست، وساعدت في إنقاذهم. وهذه هي أهم عملية للمصرفي السويدي راؤول ولينبرغ الذي اختفى بعد ذلك في السجون السوفياتية. كذلك فان السويد تعد من الدول القليلة التي شرعت قانوناً يحارب "اللاسامية". واستضافت في يناير من العام 2000 مؤتمراً دولياً مهماً زاد من زخم الجهود العالمية لمحاربة منكري "المحرقة النازية". صحيفة هآرتس