منذ مدة ليست بالبعيدة تداول الناس بريدا الكترونيا لطبيب مصري ينصح العرب فيه بإيقاف عادة التقبيل عند السلام أو (البوس) بالمصطلح العامي بل ويطالب بإصدار فتوى تحرمه بوصفه ناقلا للأمراض، بل إنه تعدى في مطالبته المفهوم العام للتقبيل بين الناس في المناسبات المختلفة إلى البوس في المناسبات الأكثر خصوصية بين الرجال والنساء والأطفال على حد سواء، وحجته في ذلك أن (البوس) هو أخطر وأسرع وسيلة لنقل الأمراض. ومع أن الناس قد تناقلت خبر ذلك الطبيب على سبيل التندر إلا أن الرجل قد اثبت ومع الزمن أن له حجة في ذلك وأن ما كان يتخوف منه قد تحقق!! فالناس بالرغم من استنكارها لما قرأته عن ذلك الطبيب (الموسوس) إلا أنها لا تتورع عن تطبيق نظريته حتى وإن لم تشعر بذلك خصوصا مع تزايد حالات أنفلونزا الخنازير وانتشارها في مدن العالم المختلفة. فها هي وزارة الصحة السعودية تنصح كبار السن والحوامل بتأجيل العمرة وفريضة الحج لحين السيطرة على هذا الوباء. وفي قناة فضائية عربية ظهر وزير الصحة المصري ليتحدث عن انفلونزا الخنازير وأبدى استياءه من طريقة تعامل الدول الغربية معه، وتحدث عن اختلاف في طرق مواجهته بين وزارات الصحة الغربية ووزارات الصحة الشرق أوسطية، وعلل ذلك إلى كلفة علاج هذا النوع من الأنفلونزا والذي قد لا تتحمل بعض الدول المحدودة الدخل كلفة مكافحته أو علاجه! والمضحك المبكي أن تواتر الأخبار حول زيادة عدد المصابين به والتقاطهم لفيروسه وشفائهم منه من عدمه، قد جعل الناس في حيرة متفاوتة منه، فما بين عدم مبال به إلى خائف متوجس منه حتى ولو طمأنه الأطباء بإمكانية علاجه! زميلة لي ذكرت موقفا طريفا ومحرجا عاشوه مع قريب لهم كان عائدا لتوه من الولاياتالمتحدةالأمريكية اتصل بهم راغبا في الزيارة والسلام على والدهم الكبير في السن، وكيف أنها هي وأهلها حاولوا المماطلة والتسويف معه لحين انقضاء الفترة المتوقعة لحضانة مرض انفلونزا الخنازير والتأكد من عدم إصابته به خوفا على صحة والدهم المريض والقليل المناعة. إلا أن قريبهم قد وضعهم أمام الأمر الواقع بزيارته المفاجئة بعد أن مل من مماطلتهم. وكيف أن أحد أطفالهم قد دخل عليه متلثما وامتنع عن السلام عليه مخبرا إياه بأنه خائف من أن يعديه بأنفلونزا الخنازير مثلما سمع من والدته، فما كان من القريب إلا أنه قد علق مازحا وإن كان ممتعضا بأن يطمئن والدته بأنه سليم لكنه يخشى بأن يلتقط المرض من هنا بعد أن وقاه الله منه في أمريكا..! ومع موسم الصيف وتنقلات الناس وسياحتهم في البلاد المختلفة لم يعد بالإمكان تحديد من أين يمكن أن يأتي المرض! فهل نضم صوتنا لذلك الطبيب المصري ونمتنع عن (البوس) ولو مؤقتا لحين أن يتوفر لقاح فعال له أو أن تعلن منظمة الصحة العالمية سيطرتها التامة عليه؟ أم أننا نستمر في عادتنا العريقة ونقبل من نشاء والحافظ الله؟!