ردة فعل الجمهور العربي على وفاة المغني الأسطوري مايكل جاكسون كانت مزعجة، ومؤلمة، حيث امتلأت المواقع التي أوردت الخبر أمس، بتعليقات غريبة، مصدرها جمهور مسلم، ينتمي لدين السماحة والسلام، أخذ يشمت بالموت، ويستخف بالمناسبة، ويدعو على مايكل بالطرد من رحمة الله، وبشكل يقود للتساؤل: أي صورة يمكن أن تعكسها هذه الردود عن ديننا وثقافتنا؟. بعضهم أعلنها صريحة وحدد مصير مايكل بأنه "جهنم وبئس المصير"، والبعض الآخر تردد وقال "لو أنه مسلم لترحمنا عليه"، وكأن الإنسان مُلزم أن يحدد موقفاً من كل شخص يموت؛ هل يستحق أو لا يستحق الترحم عليه، ونحمد الله أن مشيئته العظيمة ليست مربوطة بمواقف الناس وإلا ما دخل أحد في رحمته الواسعة. أما الأطرف من هذا كله، والأكثر إيلاماً، هو قول أحدهم "هذه نهاية الطرب"، وكأنه لا يموت في هذه الدنيا سوى المطربين وأهل الفن!. هذه الردود تكشف نظرتنا للآخر، وتقدم بياناً صريحاً يؤكد أن ثقافتنا ومفاهيمنا لا تطيق التسامح مع من يختلف معها. وهنا لنا أن نسأل: كيف سيقتنع العالم بسماحة الإسلام وهو يرى المسلمين قد تفرغوا ل"لعن وسب وشتم" كل من لا ينتمي له؛ فضلاً عن لعن الميت الذي لا حول له ولا قوة؟!. وصدق من قال "رأيتُ مسلمين ولم أر إسلاماً!". وتفسر هذه الردود أيضاً نظرتنا للفن، حيث لا يأتِ نبأ وفاة فنان، مسلماً كان أم غير مسلم، إلا وترددت نفس التعليقات، في حفلة من السخرية والازدراء، لا يمكن أن تصدر إلا من ثقافة لا تحترم الفن وأهله.. وفي بيئة مثل هذه، كيف نطالب بتطور الفنون؟. إن هذا لا يأتي إلا باحترام الفنان وتقديره بوصفه المترجم الحقيقي للمشاعر الإنسانية على اختلاف مشاربها، ليس مايكل جاكسون فحسب، بل جميع الفنانين..