إيران تسعى حثيثا لامتلاك السلاح النووي وقد تتمكن من تصنيع رؤوس نووية خلال سنة أو سنتين إن لم تكن تمكنت من ذلك بالفعل. ولكن ما حقيقة أن إيران ستستعمل سلاحا نوويا ضد إسرائيل؟! لو وضعنا احتمالية حصول هجوم نووي من إيران على إسرائيل فإن ذلك الاحتمال أقل من 1 في البليون. ولكن لماذا نؤكد على عدم استخدامها السلاح النووي ضد إسرائيل؟ الأسباب عدة ومنها: على افتراض أن الإيرانيين مهتمون بالقدس فلا يمكن أن نتصور أن تقوم إيران بقصف إسرائيل لأن ذلك سيلوث فلسطين لعشرات السنين بإشعاع قاتل يحرم منها الإيرانيين وغيرهم. أما لو قلنا إنها ستستخدم السلاح النووي لنصرة الفلسطينيين فإن ذلك مستحيل أيضا لأن أي سلاح نووي موجه إلى إسرائيل سيقتل اليهود والفلسطينيين بلا تمييز. خلال الحرب العراقية الإيرانية كانت إيران أكثر تعقلا من بغداد في قصف المدن برغم انها كانت في أوج المد الديني والثوري. وتقل الاحتمالات بعد أن تكيفت الثورة مع الواقع السياسي العالمي. إيران لن تأمن من هجوم عكسي مدمر من إسرائيل وحلفائها لو بدأت بالهجوم. وهنا يبرز سؤال مهم. من هو العدو الثاني لإيران؟ بلا شك أمريكا على الأقل حسب تصريحات الإيرانيين. فهل ستستطيع إيران قصف أمريكا؟ الجواب يأتي بالنفي الواضح لأن إيران تفتقر إلى الصواريخ المتطورة من عابرات القارات كما أن وجود أنظمة إنذار مبكر سيجعل من الصعب على إيران مباغتة أمريكا. يبقى السؤال المهم إذا لم تكن إسرائيل ولا أمريكا هدفا للسلاح النووي الإيراني فإلى من سيوجه ذلك السلاح، ومن هو العدو المرتقب؟ للجواب على هذا السؤال لابد من تجردنا من عواطفنا لنخرج بقراءة مبنية على الوقائع. أعتقد أن سبب إصرار إيران على السلاح النووي هو في المقام الأول للردع وفي المقام الثاني يأتي الترهيب. أما الردع فموجه للجميع وأما الترهيب فموجه في المقام الأول للدول الخليجية والعربية. ومن الإنصاف أن نسأل هل في ذلك التحليل تجنٍ على النظام الإيراني؟ لننظر إلى دور إيران في المنطقة ثم لنحكم. في العراق قدمت إيران دعما غير محدود لشيعة العراق ودربتهم ثم أطلقت يدهم في العراق ليغتالوا ويهجروا ويدمروا بمباركة من الملالي وممثليهم. ولولا أن تنبهت حكومة المالكي -بعد نضجها السياسي- للخطر الإيراني لكانت الكارثة أعظم. الجدير بالذكر أن تدخل إيران في شؤون العراق وبعض البلاد العربية تم في عهد الإصلاحيين واستمر في عهد المحافظين، مما يوحي بأن الاختلاف بين الاتجاهين لا يعدوا أن يكون في الأسلوب فقط. أما في بقية الدول العربية فهناك دعم إيراني غير محدود للطوائف الشيعية في البلاد العربية بشكل يوحي برغبتها في زعزعة استقرار المنطقة بشكل يماثل النموذج العراقي. وقد تحاول إيران استنساخ النموذج اللبناني الذي تحول من شيعي علماني إلى أصولية شيعية في الجنوب. من وجهة نظري فإن إيران لن تستخدم سلاحها النووي لمهاجمة أي طرف في المنطقة. وأكاد أجزم أنها لن تكون البادئة في أي هجوم نووي. ولكن وللأسف فإن احتمالات أن يُوجه سلاحها إلى عاصمة عربية على ضئالة هذا الاحتمال يفوق بآلاف المرات احتمالات قصف تل أبيب.