أبرز التواصل بين صف مدرسي في الفليبين وشبكة من العيادات الطبية في البرازيل ومركز للأبحاث في كوريا الجنوبية، رغم آلاف الكيلومترات التي تفصل بينها، أهمية دور الولاياتالمتحدة كعنصر أساسي في مكافحة مرض السل المقاوم للأدوية والعقاقير. وتشكل الشراكة التي تشمل الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية عنصرا حاسما في الجهود العالمية للتغلب على السل المقاوم لكثير من الأدوية، والسل ذي المقاومة الشاملة للأدوية. وتصف منظمة الصحة العالمية السل المقاوم للأدوية والعقاقير بأنه "قنبلة موقوتة" تهدد الصحة العالمية مع ظهور 500,000 إصابة جديدة من حالات السل المقاوم لعدد من الأدوية في العام 2008. وتنتج حالات السل المقاوم لعدد من الأمراض عندما يصبح معظم الأدوية المستعملة ضده غير فعال. أما السل ذو المقاومة الشاملة الفتاك القاتل في 53 بالمئة من حالات الإصابة بالمرض فيحدث عندما تصبح كل أدوية معالجة السل غير مجدية. وتتصدر الولاياتالمتحدة، التي تعتبر أكبر متبرع ومساهم في الصندوق العالمي لمكافحة مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) والسل والملاريا، جهود مكافحة السل ذي المقاومة الشاملة للأدوية. ونبه مدير المعهد القومي لأمراض الحساسية والأمراض المعدية الدكتور أنطوني فاوتشي الذي يتمتع بشهرة واسعة في الولاياتالمتحدة كخبير في الأمراض المعدية، قائلا "يجب علينا أن لا ننسى حقيقة أن من المؤكد أن 1.7 مليون شخص بالضبط يموتون كل سنة بمرض السل." وقد ابرز مؤتمر القمة الصحية لمنطقة المحيط الهادئ الذي انعقد في مدينة سياتل بولاية واشنطن واختتم امس قيمة وأهمية المشاركة في مكافحة السل المقاوم للأدوية. وشارك في المؤتمر مئات العلماء والمسؤولين الحكوميين ورؤساء الشركات والباحثين من 24 بلدا بينها اليابان والصين والبرازيل والهند وبيرو وأفريقيا الجنوبية وسويسرا وكينيا والولاياتالمتحدة. وتبذل الحكومة الأميركية جهودها ضد مرض السل المقاوم لكثير من الأدوية على كل المستويات والأصعدة بدءا بمستوى الحكومات المحلية والولائية وانتهاء بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية مرورا بالوكالات الحكومية الفدرالية كالمعهد القومي لأمراض الحساسية والأمراض المعدية، والمراكز الأميركية لضبط الأمراض والوقاية منها، والمعاهد القومية للصحة. وتركز الشراكات جهودها غالبا في 22 بلدا فيها أعلى نسبة من حالات الإصابة بالسل وتصب اهتمامها في البحث والعثور على علاجات ووسائل تشخيص جديدة. (طالع المقال الإبداع يعتبر أمرا حاسما في مكافحة داء السل المزمن) ففي الفلبين يعكف مركز ضبط الأمراض والوقاية منها بالتعاون مع معهد الفليبين للأمراض الاستوائية على العمل لوضع إطار جديد لتدريب العاملين في الرعاية الصحية في مجال مرض السل المقاوم لكثير من الأدوية وذلك بتنظيم جدول دراسي يستغرق سنة كاملة. وكانت برامج مركز ضبط الأمراض والوقاية السابقة للتدريب في لاتفيا وملاوي وجنوب أفريقيا وبيرو قد اقتصرت على أسبوع واحد ولمرة واحدة. أما دورة التدريب الجديدة فتقسم إلى أربعة مساقات هدفها تعزيز ما للطلبة المشاركين من معرفة ومهارات. وفي أماكن أخرى يعمل المعهد القومي لأمراض الحساسية والأمراض المعدية وحكومة كوريا الجنوبية على دعم مركز أبحاث في ماسان بكوريا الجنوبية يتولى درس وتقييم الأدوية والعقاقير الجديدة المضادة للسل، بينما تعاونت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مع وزارة الصحة البرازيلية لزيادة عدد مراكز معالجة السل المقاوم لكثير من الأدوية من 63 مركزا في العام 2004 إلى 122 مركزا في العام 2007. وتشمل مشاريع مركز ضبط الأمراض والوقاية مشروع "شفاء السل" المشترك مع المكسيك الذي ينسق تقديم الرعاية الصحية لمرضى السل على الحدود الأميركية المكسيكية. ولمؤسسات القطاع الخاص باع أيضا في مكافحة السل. فقد وقعت مؤسسة بيل ومليندا غيتس اتفاقية مع وزارة الصحة الصينية في نيسان/أبريل تخصص 33 مليون دولار للعمل على مكافحة السل والسل المقاوم لكثير من الأدوية في ستة أقاليم صينية. ويشترك المعهد القومي لأمراض الحساسية والأمراض المعدية مع إيلي ليلي، شركة الأدوية العملاقة عبر شراكة ليلي غير الربحية لاكتشاف أدوية للسل في مرحلته المبكرة، في البحث عن أدوية جديدة. وتعمل كل من الصين والهند، اللتين تضمان أعلى مستويات من نسب العدوى بالسل المقاوم لكثير من الأدوية، على تعزيز جهودهما في مكافحة المرض. ولذا استضافت بيكين في نيسان/أبريل المنصرم اجتماعا وزاريا حول السل المقاوم لكثير من الأدوية شدد على دور "الشراكات بين الأنظمة الصحية وغيرها" لتوفير 2 بليون (2,000 مليون) دولار تلزم لمكافحة السل المقاوم للأدوية خلال السنتين القادمتين. وقال الدكتور تيموثي هولتز رئيس فريق الابحاث بقسم القضاء على السل التابع لمركز ضبط الامراض والوقاية منها إن "السيطرة على السل المقاوم للأدوية في الهند والصين سيكون لها تأثير مباشر في التغلب على الداء في الولاياتالمتحدة" في ضوء قابلية انتشار الأمراض المعدية في العالم.