الريبة والخوف والتوتر وعدم الارتياح مشاعر يومية تلحظها على بعض الوجوه من عابري بعض الطرق بمحافظة ضرماء، لأنهم موقنون بأنهم يمتهنون قبور موتاهم (يرحمهم الله) المدفونين تحت تلك الطرق المعبدة على أرض في الأصل هي مقبرة اكتشفها بعض الطلاب أثناء مشاركتهم في اسبوع الشجرة قبل ثلاثين عاماً تقريباً داخل فناء مدرستهم (الابتدائية السعودية بمحافظة ضرماء) فظهرت لهم جماجم الموتى!! الطلاب والمعلمون في ذلك الوقت أصيبوا بهول الصدمة واغلقوا مدرستهم وغادورها إلى مكان آخر، ولكن القضية مازالت معلقة من ذلك التاريخ إلى هذه اللحظة. أسبوع الشجرة يكشف جثث الموتى عن حكاية تلك المقبرة يقول المواطن عبدالعزيز العبيد وهو أحد سكان محافظة ضرماء ان اكتشاف هذه المقبرة تم عام 1400ه تقريباً عندما كان طلاب مدرسة (الابتدائية السعودية بضرماء) يشاركون معلميهم في تفعيل اسبوع الشجرة داخل المدرسة، وكانت المفاجأة أثناء الحفر في فناء المدرسة بظهور العظام والجماجم، حيث صدم الطلاب والمعلمون في ذلك العام واخلوا المدرسة وتم نقل الطلبة لمكان مؤجر وتركت المدرسة التي كانت عبارة عن «بركسات» في ذلك الوقت، وعندما حاول المسؤولون في ذلك الوقت إعادة بناء المدرسة عارض عدد من الأهالي على إقامة المدرسة على تلك الأرض لأنها عبارة عن مقبرة وتم الرفع لقاضي محكمة محافظ ضرماء والذي أحال طلب سكان المحافظة إلى محافظ ضرماء مبدياً معارضة سكان المحافظة على إقامة (وزارة المعارف) آنذاك مبنى مدرسة على أرض يوجد بها مئات من الأموات ويطالبون إيقاف المشروع مراعاة لحرمة أموات المسلمين وتسوير المقبرة، حيث ثبت بشهادة كبار المحافظة انها مقبرة قديمة. ويضيف المواطن العبيد انه تم تشكيل لجنة من المحكمة والامارة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبلدية للوقوف على المقبرة وإعداد تقرير مفصل عنها يوضح فيه المقبرة وأطوالها وحدودها مع اختيار الطرق والأراضي المحيطة للتأكد من خلوها من القبور، وعمل رسم كروكي لموقع المقبرة، ثم انتهت اللجنة في عام 1423ه بتحديد موقع المقبرة وانها تتضمن شوارع تم استعمالها لأكثر من عشرين عاماً كما كشفت اللجنة ان رفات الأموات ما زالت باقية بموجب ما تم كشفه سابقاً وحاضراً. ويشير العبيد إلى انه بعد أن اتضح للأهالي ان رفات الأموات ما زالت باقية تم ايقاف المقاول عن بناء المدرسة الجديدة مكان المدرسة السابقة، واتفق الأهالي على أن يشتروا أرضاً تكون بديلة لهذه الأرض لاقامة المدرسة عليها وتم شراؤها وتسليمها لوزارة المعارف في ذلك الوقت، وقام المقاول بإنشاء المدرسة عليها. ويقول العبيد ان اللجنة قررت تسوير المقبرة الجديدة وذلك لمنع استطراقها ومحافظة على كرامة أموات المسلمين وحرمتهم، ورفعت اللجنة بتوصياتها إلى سماحة المفتي العام للمملكة في حينه وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أفتت ببقاء المقبرة على حالها وعدم التعرض لها بأي نوع من الاعتداء من نبش أو اقتطاع جزء من أرضها، حيث ثبت انها مقبرة قديمة فهي حقل لمن قبر بها من أموات المسلمين وأكدت الفتوى الصادرة بهذا الخصوص ان حرمة المسلم ميتاً كحرمته حياً، كما أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بوجوب تسوير كامل أرض المقبرة بما فيها الشوارع التي تستطرقها مع إزالة أعمدة الكهرباء الموجودة بداخلها وإزالة الإحداثيات المحدثة بها وردم العظام الظاهرة على وجه الأرض وإعادة ما أخرج منها من رفات الموتى إلى داخل المقبرة ودفنه بها مراعاة لحرمة أموات المسلمين، كما دعت البلدية إلى ضرورة الاهتمام بالمقبرة وصيانتها واحاطتها بسور يحفظها من الامتهان والاستطراق والضرر. وأكد المواطن عبدالله سليمان العجاجي من سكان المحافظة حديث جاره العبيد في شكوى تقدموا فيها ل «الرياض» ان بلدية محافظة ضرماء قصرت في تنفيذ ما جاء في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء منذ ذلك التاريخ، حيث قامت البلدية مؤخراً إقامة بعض الطرق عليها وسفلتتة تلك الطرق واقامة أعمدة كهرباء وتشجير مما جعل المقبرة ممراً للسيارات. وقال العجاجي والعبيد انه يؤسفنا عدم اغلاق المقبرة مع وجود فتوى تخص مقبرة ضرماء برقم (22335) وتاريخ 22/3/1423ه من اللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء برئاسة سماحة مفتى المملكة وهذه معاناة السكان من عام 1423ه أي من سبع سنوات تقريباً لكن إلى هذه اللحظة لم يتم اغلاق الطرق التي تمتهن القبور، وطالبا في شكواهم بإيجاد حلول عاجلة لهذه المشكلة التي تؤرق سكان المحافظة. لا ضرر ولا ضرار إلى ذلك أوضح رئيس بلدية محافظة ضرماء عبدالله الخثلان في تصريح ل «الرياض» ان موضوع المقبرة سبق وأن تم العرض عنه لوزارة الشؤون البلدية والقروية في حينه، مشيراً إلى ان هذه المقبرة والأملاك المجاورة لها قديمة وتقع وسط المدينة والمقبرة محاطة بسور، كما ان الأراضي التي يطالب بضمها بعض السكان عبارة عن أملاك قديمة سبق وان تم استخراج حجج استحكام عليها من قبل المواطنين والشوارع المحيطة بها سبق وان تم نزع ملكيتها من المواطنين وتعويضهم عنها وبعضها مقام من عام 1383ه، وقد طلبت الأمانة تشكيل لجنة من الرئاسة العامة للبحوث والافتاء والأمانة لدراسة الموضوع نظراًَ لمعارضة بعض المواطنين على اغلاق بعض الشوارع لأنها تخدم الأحياء السكنية. وأضاف انه قد صدر خطاب صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية في 14/11/1428ه الموجه لسماحة مفتي عام المملكة والمتضمن رأي سموه الكريم تكليف لجنة بالشخوص ميدانياً لدراسة الموضوع بمشاركة مندوب من أمانة منطقة الرياض ومندوب من بلدية محافظة ضرماء ومناقشته من جميع جوانبه واقتراح الحلول المناسبة التي تحفظ كرامة الموتى ولا تحدث الضرر بالمصلحة العامة، وصدر بذلك خطاب سماحة مفتي المملكة المتضمن ان فضيلة قاضي محكمة ضرماء أوضح انه قد صدر صك من محكمة ضرماء بتاريخ 22/7/1410ه المبين لحدود المقبرة وان العمل في هذا الموضوع على فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية في 22/3/1423ه المتضمن تسوير المقبرة بما فيها الشوارع، مؤكداً ان البلدية تقوم بمتابعة هذه القضية، كما جاء على لسان بعض السكان، حيث ان البلدية شرعت منذ صدور الفتوى بوضع حام على موقع المدرسة التي اتضح وجود قبور فيها ومنعت من إقامة مبنى مدرسة عليها كما قامت البلدية باغلاق الشوارع التي وجد بها قبور، وذلك بشكل مؤقت حتى يصار فيما بعد إلى تسويرها. وبيّن رئيس بلدية ضرماء ان ما نقله بعض السكان من تقصير البلدية بشأن تنفيذ الفتوى الصادرة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء غير صحيح، حيث بادرت البلدية بعد صدور الفتوى بالمحافظة على القبور وحمايتها وان الجهات المعنية تتابع هذا الموضوع بأهمية دون ضرر أو إضرار بمصالح الآخرين.