الرحيل الصامت في زمن مثقل بالهموم افتقد المسرح الثقافي السوري والعربي منذ أيام الأديب والشاعر الكبير ميخائيل عيد، بعد معاناة طويلة مع المرض .. ولد الراحل في مدينة مشتى الحلو عام 6391 درس العلوم السياسية والفلسفية في بلغاريا وشغل عدة مناصب ثقافية.. كان أبو عياد في حياته يحمل هموماً كبيرة لكن صبره وحلمه وتأمله وتجلياته جعلته يفتح باب الحوار مع نفسه بعقل مفتوح بعيدا عن الانا ليسجل فيه كل لحظات الفرح والالم , وبقيت هامته برغم كل شيء عالية كالجبال كان يقول لي الحياة ياصديقي لها نظام ومتى فقد هذا النظام اصبحت بلا طعم ولا رائحة.. ولانكهة .. العمل يا صديقي عبادة .. لقد عرفت الراحل عن قرب وبين الحين والآخر كنت اتصل به لأشاركه في محور ثقافي مع مجموعة من الأدباء السوريين كان الراحل وبكل اريحية يتجاوب معي ولا يسأل كثيرا مثل غيره واجمل كلمة كان يقولها لي في نهاية الحديث «امانة» سلم على كل الزملاء في الصحيفة .. واتمنى ان تبقى صحيفتكم منبرا ابداعيا لكل المثقفين «صحيفتكم تحمل نفسا قوميا عربيا.. وعندما اقابله في مكتبه في اتحاد الكتاب كان يعانقني ويستفسر مني عن اخبار صديقه (ابو نايف) ويقول بابتسامة لماذا لم يرسل لي حتى الان ديوانه الأخير وأرد عليه بأن الديوان وصلك ويقول طيب «مافي شي جديد»؟ وكان من جانب آخر يتابع باستمرار اخر اصدار للكتاب الشهري «كتاب الرياض» وكان يحرص رحمه الله ان يتزود بنسخة منه كل شهر .. لقد رحل ابوعياد بصمت بعد ان ادى الأمانة ليترك وراءه رائحة ذكية ستظل تعبق في أروقة وجنبات المسرح الثقافي السوري والعربي . محمد أحمد طيارة رحل الحلم مع عيد في يوم الخميس السادس عشر من ديسمبر 4002 انتقل إلى الدار الأخرى الأديب السوري الكبير والشاعر والمترجم الأستاذ ميخائيل عيد عن عمر يناهز الثامنة والستين وهو ممسك بكلتا يديه على رؤية أو حلم تدارسناه معاً في صيف عام 3002 من خلال مراسلاتي له عبر شبكة الانترنت. حيث كنت قد التقيت بالعديد من الأجانب المهتمين بالجانب الثقافي العربي وكان ينتهي بنا الحديث غالباً عن الأدب النسائي العربي الذي لا يكاد يحتل الكثير من مساحة الترجمات الشحيحة أصلاً، بدأت حلمي بفكرة لترجمة الأدب النسائي الإماراتي إلى اللغات الأخرى رغم أن تجربة الأدب النسائي الإماراتي ما زالت فتية لأنني لم أجد في الأسواق ما أهديه لضيوفي الذين كان يقتلهم الفضول لقراءة ما تقوله المرأة العربية أو الإماراتية من خلال قلمها. بدأت بحثي من خلال شبكة الانترنت عن المختصين من الأدباء في مجال الترجمة لعمل ملف قدمته فيما بعد لاتحاد كتاب الإمارات في الشارقة كخطوة على الطريق . وحين بادرت بالكتابة للأستاذ ميخائيل عيد الذي وجدت عنوانه من خلال موقع اتحاد الكتاب العرب في سوريا، تكرم بالرد علي بقامة الأديب المتواضع العملاقة مرحباً وداعماً للفكرة مبدياً استعداده بالمشاركة من خلال أي مجهود يتفق عليه. وكما أنا مندفعة كطفل خلف العيد حملت مشروعي في صيف عام 3002 إلى الاتحاد، ودعيت إلى اجتماع بعد ذلك بحوالي شهر أحضرت فيه مشروعي وأوراقي المتعلقة ووعدت خيراً، وبالفعل في الرابع عشر من فبراير 4002 عقدت ندوة عن واقع الترجمة الإبداعية في الإمارات حيث قدمت ورقة عمل رغم عدم معرفتي بأي شيء تم ترتيبه خلال تلك الفجوة من الزمن إلى أن حضرت للمشاركة في الندوة التي استمرت يومين قدمت خلالها بعض أوراق العمل التي لم تناقش معظمها ما جاء في عنوان الندوة رغم أن المشاركين جميعاً كانوا من ذوي الباع في هذا المجال وانتهت الندوة واختنق الأمل في أحد الأدراج كما هي حال المشاريع الثقافية لأن هناك من فرح بحمل قنديل الإضاءة دون أن يعرف البقعة التي يجب أن يسلط الضوء عليها. رحل الأستاذ الكبير وسيرحل غيره كثيرون ممن يمتلكون القدرة على التغيير في الواقع الثقافي لأن الهم الثقافي يحمله غير أهله لذلك يسير الأمل في دوائر فوضوية لا تكاد تمسك بذيلها. إقبال التميمي