لا يمكن النظر إلى هذه الأغنية باعتبارها حالة خاصة، لأن وضع فرقة مثل "بينك فلويد" هو حالة خاصة في حد ذاته، فمع أنها قدمت نماذج حداثية متطورة يمكن النظر إليها رغم مرور ربع قرن، على أنها نماذج جديدة ورائدة وذات سبق لا يمكن إنكاره في مجال الأغنية الغربية وبالتحديد في أصناف تم ترقيتها على يد الفرقة إلى مراحل لم تتجاوزها فيما بعد مثل الروك التقدمي والتخديري، إلا أنه لا ملامح واضحة لفرقة يمكنها أن تخلف مكانها أو على الأقل تذكرنا بها. في "أصداء" تقدم بينك فلويد عناصر تقدمية غير مسبوقة، التأثيرات الصوتية ذات الدلالة على مفهوم الأغنية العامة وترميزاتها الداخلية، الجسور الموسيقية الطويلة، والتي تنتقل باتساق مدهش من مقطع إلى آخر، والارتجال الموسيقي المتناسق في المنظومة العامة للإيقاع الرئيسي. إنها تعتبر وبنظرة جماهيرية واسعة الأكثر طموحاً واتجاها موسيقياً للمفهوم الفني الذي تقدمه فرقة بينك فلويد، والتي شارك أعضاؤها الأربعة واترز، غيلمور، رايت، وماسون، في كتابة هذا العمل الخالد. في الاسطوانة التي أطلق فيها هذا العمل ضمن ألبوم "تطفل" عام 1971م، احتلت الأغنية لوحدها بسبب طولها الجانب الثاني من الاسطوانة في مدة بلغت ثلاثا وعشرين دقيقة ونصف، لكن هناك بعض النسخ التي صدرت لاحقاً مع بعض الاختزالات بلغت ما يقارب السبع عشرة دقيقة، لكنها غير شائعة الانتشار، وعلى الرغم من الأغنية ليست مقسمة بسبب طولها، مثلما يحدث مع فصول أغنية "يتلألأ عليك أيتها الماسة المجنونة"، أو "ذرة قلب الأم"، إلا أن الفرقة قامت بتقسيمها لمقطعين، لتخدم كافتتاحية وخاتمة للعمل العبقري الذي قدمته فرقة بينك فلويد عام 1972م من إخراج "أدريان مابن"، "على الهواء مباشرة في بومبي" والذي تم تصويره في المدرج الروماني بمدينة بومبي الإيطالية، والتي دمرت ودفنت بعد البركان الهائل الذي أغرقها في عام 79م. يدور كل مقطع شعري من القصيدة الغنائية في ثلاثة تنويعات موسيقية، لكن هذا ليس الأمر الجديد في الأغنية، فهناك الكثير من الأعمال التجريبية الناجحة في الأغنية، فصوت قطرات الماء الذي يخلق صدى مبدئياً للدخول بشكل بطيء لعمق الإيقاع عبارة عن طرقات بيانو تم تعديلها بإرسالها عبر جهاز صوتي آخر، غيلمور قام باستخدامات متعددة للجيتار السلايد، ليحقق مقاربة لتأثيرات الصوت الطبيعية، كما كان له الفضل في اختراع طريقة لإدخال أصوات الصدى الصارخة في منتصف الأغنية مع هدوئها الذي يتقهقر ارتفاعاً وانخفاضاً وهو ما أطلق عليه لاحقاً أغنية الحوت، أما أصوات الريح فقد قام بتأديتها واترز على الجيتار المساند، عبر تلاعبه بالأوتار المنخفضة ومن ثم نقلها عبر جهاز خاص، الكورال المساند في منتصف الأغنية تم تحقيقه عبر وضع أجهزة تسجيل صوتية في وضع متناظر في الغرفة التي تم تسجيل الصوت فيها، أما أصوات الصفير فهي اجتهاد من رايت، الذي قام بسحب كامل لأصابع الأورغن، لتحقيق هذا الصوت الذي جاء متوازياً مع أصوات الغربان التي تم تسجيلها من أشرطة سابقة للفرقة. في القسم الثاني يبدأ غيلمور بالعزف على نوتات مصمتة، بالاتفاق مع العزف المنفرد لرايت على الأورغن. كلمات الأغنية الوجودية، تتساءل عن سر الحياة في تأملات خاصة، تحليق طيور القطرس، أمواج المحيطات، والكهوف المرجانية، ويأتينا جواب تلك الأماكن على شكل أصداء من تاريخ الإنسان المغرق في قدمه، تقترح عليه رغم هذا التيه، أن يتسلق طريقه الخاص نحو النور، أن يتصادق مع الطبيعة، مع أخيه الإنسان، يقوده بيد المحبة والسلام، ليتفهما هذا السر بأقصى إمكانية محتملة. ومع سقوط الآخر يرتفع هذا الإنسان، إنه لا يجد من يغني له تهويدة النوم، ويشعره بالأمان ليغلق عينيه مطمئناً، لذا تنصحه تلك الأصداء بالخروج من نافذة العالم المادي الضيقة، نحو صباح تضيئه ملايين الشموس. هناك بعض الإشاعات التي أطلقت حول الأغنية وتوافقها مع فيلم "2001: أوديسة الفضاء" للمخرج الأمريكي ستانلي كيوبريك عام 1968م، وبالتحديد في مقطع "المشتري وما بعد السرمدية"، والتي تتفقان في كثير من الانتقالات البصرية من الفيلم والسمعية من الأغنية، وهو ما أنكرته الفرقة، كما فعلت لاحقاً مع إشاعة ألبوم "الجانب المظلم من القمر"، وفيلم "ساحر أوز"، قصة أخرى تحكي التاريخ الأسطوري لأحد أعظم فرق الغناء الغربي في التاريخ الحديث.