أصبحت أخبارنا الفضائحية تتصدر اهتماماتنا، تحولت شبكة الانترنت لبيئة خصبة لتداول الأخبار السيئة، الأخبار غير الجيدة تتم قراءتها لدينا بالعكس، التعليقات الخاصة بالقراء في أحيان كثيرة تثير الاستفهام وبعضها يثير الاشمئزاز بالوقت نفسه، لم يعد لدينا الوقت لدراسة ظروف أخطاء البعض من أبناء مجتمعنا، التسامح والستر مفردات قل التعامل مع معانيها!. كل مجتمع لديه ما يكفيه من الأخطاء والهفوات البشرية، نحن لسنا في مدينة أفلاطون المثالية، ونحن لسنا مجتمعاً ملائكياً، نعم الخبر الفضائحي والسيئ مثير للقراء وللحكاوي بالمجالس، لكن الأهم الطريقة السليمة والمثالية للتعامل مع هذا النوع من الإثارة الرخيصة، تستغرب كيف تصبح مصائب بعضنا مجرد "نكت" يتداولها البعض وبغباء عبر رسائل الجوال، تستغرب أن تتصدر اهتماماتنا متابعة قضية معينة ونهمش على سبيل المثال قضية إنسانية هامة وعملاً عظيماً كفصل السياميين الصوماليين اليومين الماضيين، أصبحت مواقعنا على الإنترنت وأحاديث مجالسنا الخاصة وكأنها صحف "الجريمة " المشهورة في بعض الدول، لدينا الخيال واسع جدا عندما يتعلق الأمر بمسألة "فضائحية" ويزداد هذا الخيال توسعا وبلا حدود عندما يتعلق الأمر بأحد مشاهيرنا في أي مجال كان!. تحولنا لمصدر ثري للأخبار الفضائحية التي تتناقلها العديد من وسائل الإعلام، الإشاعة والخيال أحيانا تطغى على المصداقية في احتفالنا بالأخبار السيئة، حتى قراءتنا لمثل هذه الأخبار فيها سوداوية وعنف بالأحكام لا يقارن، لم نعطِ الفرصة للمربين والمثقفين ورجال الدين الواعين لدراسة بعض الأخطاء السلبية التي نتناولها وبسرعة عالية في تناولنا الإخباري، التهم وحدها جاهزة، والتعنيف والتشكيك والقذف من الأمور التي تسيدت الموقف إعلاميا لدينا، تجاوزنا الخطوط الحمراء المؤدبة بمسافات، ولا يعرف هؤلاء ممن يتلذذون بهذه الأخطاء، مدى الضرر المستقبلي علينا جراء هذا الإسهال الإعلامي في الاهتمام فقط بالأمور الفضائحية. لسنا معصومين من الخطأ، ضع نفسك ولو للحظات ولو بالخيال موقع من حصلت لهم بعض الظروف والأخطاء وتم التشهير بهم، فكر في نفسك وفي أسرتك وفي أقربائك ومن حولك، كيف ستكون نظرتهم لك وأنت تتلاطم حولك الاخبار والإشاعات والتحليلات السلبية، نحن لا ندعو للخطيئة ولكن نحن مجتمع إسلامي أخلاقي، الخالق عز وجل يغفر ويحب الستر، ونحن نزداد عنفا في اسلوبنا الفضائحي، في مصر على سبيل المثال، تتخذ اشد الإجراءات المشددة مع التشهير الإعلامي لبعض الحوادث الكبرى والجرائم المرعبة، أما لدينا ورغم واننا ولله الحمد لم نصل لمرحلة مثل هذه الجرائم، إلا اننا نرى التشهير صار أمرا معتادا لمواقع إخبارية تفتخر بانفرادها بمثل هذه النوعية من الأخبار السلبية!. الصغار قبل الكبار تندهش عند حديثهم وبإسهاب لحادثة حصلت الأسبوع الماضي، تستغرب الخيال الذي وصل لهؤلاء الصغار في الحديث عن هذه الحادثة، وبتفاصيل مزعجة لك وأنت تستمع لطفل لا يتجاوز الثامنة، وهو يحدثك عن الكثير من المواقع التي تعيش على التشهير فقط، هل نحن مجتمع فضائحي لهذه الدرجة، نحن لا نرضى بالكثير من الأمور السلبية التي طغت أخبارها وتصدرت اهتمامات الكثير منا مؤخرا، ولكن بأخلاقنا يجب أن لا تصبح فضائح وسلبيات وأخطاء الآخرين أهم اهتماماتنا!. الأمر ليس حرية إعلامية، الأمر تجاوز للمعايير الإعلامية الأخلاقية، انعكاس هذا الأمر من الناحية السلبية لا حدود له، فالهمز واللمز والتشهير بدون شك ليس من أخلاقيات مجتمعنا، فكلي أمل بأن تتم دراسة مثل هذه الظاهرة الوحشية في عنفوانها، حتى لو استدعى الأمر حجب الكثير من المواقع على الانترنت، كما يحصل مع المواقع الهدامة الأخرى التي لا تخفى على الجميع!.