حسم عبد العزيز بوتفليقة .. الرئيس الجديد الثامن للجزائر منذ استقلالها العام 1962 معركة الرئاسة التي جرت في التاسع من أبريل / نيسان الجاري دون الحاجة إلى دور ثان مثلما كان يعتقد منافسوه وفي مقدمتهم موسى تواتي " مرشح أبناء الفقراء " مثلما تنعته وسائل الإعلام المحلية . وتمكّن بوتفليقة ( 72 عاما ) من افتكاك الغالبية الساحقة التي ظل ينشدها مثلما كشفت عنه أمس الجمعة أرقام وزير الداخلية الجزائري في المؤتمر الصحفي الذي عقده بنزل الأوراسي أعالي العاصمة أمام حضور كاسح لممثلي الصحافة المحلية والدولية. وتقدم بوتفليقة منافسيه الخمسة في كل محافظات البلاد بما فيها منطقة القبائل ب 12 مليون صوت أي ما نسبته 90.24 % من أصوات الجزائريين فيما تقاسم منافسوه نسبا هزيلة وزعت بين الزعيمة التروتسكية اليسارية لويزة حنون (55 عاما) زعيمة " حزب العمال " التي حققت نتائج أفضل بنسبة 4.22% مقابل 1.16 % في رئاسيات 2004 تلاها " موسى تواتي " (56 سنة) عن " الجبهة الوطنية الجزائرية " بنسبة 2.31 % و فوزي رباعين (55 سنة) عن حزب «عهد 54» الذي ينعت نفسه ب " مرشح الفقراء بنسبة 0.93 % متقدما بعض الشيء عن النتائج التي حققها العام 2004 وبلغت نسبة 0.64 % . وخابت حظوظ المحسوبين على التيار الإسلامي المعتدل يمثلهم " جهيد يونسي " ( 48 سنة ) عن حركة الإصلاح التي تم إضعافها بالانشقاقات والحركات التصحيحية والانقلاب على زعيمها عبد الله جاب الله الذي جاء ترتيبه الثالث في رئاسيات العام 2004 ولم يظفر جهيد يونسي سوى على نسبة 1.37 % فيما حقق " محمد السعيد " (62 عاما) الإعلامي والدبلوماسي السابق ومؤسس الحزب غير المرخص له " الحرية والعدالة " نسبة 0.92 % .وتعد نسبة المشاركة الوطنية المعلن عنها والمقدرة ب 74.54 % الأهم في تاريخ الاقتراع التعددي السياسي في الجزائر باستثناء تشريعيات ومحليات العام 1991 التي حققت فيها جبهة الإنقاذ المحلة فوزا ساحقا تجاوز نسبة 95 % . وقدرت نسبة المشاركة التي شهدتها رئاسيات العام 2004 ب 59.26 % . وفاجأت منطقة القبائل الكبرى بمحافظاتها الثلاث المعروفة تيزي وزو وبجاية والبويرة المراقبين بتسجيلها أعلى معدلات تصويت في تاريخ المنطقة المعروف عنها مخاصمة سكانها ذوي الأصول الأمازيغية لمختلف الاستحقاقات التي تنظمها البلاد على خلفية مشاكل ذات الصلة بالهوية . وحسب أرقام الداخلية سجلت ولاية تيزي وزو عاصمة القبائل الكبرى ( 110 كلم إلى الشرق ) نسبة 26.69 % فيما سجلت بجاية العاصمة الصغرى لبلاد القبائل ( 200 كلم إلى الشرق ) نسبة 25.45% والبويرة ( 120 كلم إلى الشرق ) نسبة تصويت 51.13 % وهي نسب تتجاوز بكثير تلك المسجلة العام 2004 والتي لم تتعد نسبة 18 % في كامل المحافظات المذكورة. وتأتي المشاركة المعتبرة لمنطقة القبائل البربرية في استحقاق العام 2009 .. الرابعة بعد دخول البلاد التعددية السياسية والإعلامية العام 1989 في وقت ظلت المنطقة بمدنها الرئيسية محجّا مفضلا لكل المترشحين للرئاسة بمن فيهم عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يتأخر في إظهار تأثره البالغ بالاستقبال الكبير الذي حظي به في الناحية فقال مخاطبا السكان " أستطيع الآن أن أموت وأنا مطمئن " وكانت الرسالة موجهة لدعاة المقاطعة وقبلهم دعاة الانفصال التي يقودها علنا منذ مطلع الثمانينيات الانفصالي المتطرف فرحات مهنّي. وتوجه نسب المشاركة الهامة لسكان منطقة القبائل في الاستحقاقات الخالية ضربة موجعة للحزبين البربريين الجهويين " التجمع الوطني الديمقراطي " بزعامة طبيب الأمراض العقلية سعيد سعدي ، الذي جمّد نشاطه السياسي خلال حملة الانتخابات ودعا إلى المقاطعة وأنزل من على أعلى مدخل حزبه بأعالي العاصمة الجزائر العلم الوطني واستبداله بقطعة قماش سوداء تعبيرا عما اسماه " الحداد على الديمقراطية " والحزب المعارض العتيد جبهة القوى الاشتراكية لزعيمها التاريخي حسين آيت أحمد الذي دعا هو الآخر إلى مخاصمة الصناديق وراح يعلن عن نسبة مشاركة لم تتعد 5 % مفندا الأرقام الرسمية التي قدمتها الداخلية.