يعد مهرجان الجنادرية أحد أهم العلامات المضيئة في تاريخ الثقافة السعودية بل ان هناك كثيرين من ابناء هذه البلاد ينظرون اليه على انه افراز طبيعي لثقافة العزة والمجد التي رسختها قيادتنا الرشيدة على مر التاريخ، لذلك كانت الجنادرية بكل زخمها المنبر الاول الذي تشع منه الثقافة العربية للآخرين والنبراس الذي يهتدي به ابناء هذه الأمة، وها هي عام بعد عام تثبت للعالم اجمع وحدة ابناء هذا الشعب وتمسكهم بتراثهم الغني. وتتميز الجنادرية بانها مهرجان يتحدث عن ذاته باعتبار ان كل مشتقاته نابعة من اصالة وتاريخ هذا البلاد المجيد وجذوره العميقة المتأصلة بل هي ببساطة انعكاس لحضارة تشربت من عبق التاريخ ونمت وترعرعت في كنف المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه عندما وحد مملكة الخير تحت شعار (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وجعل من كتاب الله لها دستوراً وحكماً لتصبح الجنادرية لاحقاً الملاذ والمأوى للعلماء والادباء والمثقفين وسط اجواء يكسوها الحب والتآخي والشفافية والمصداقية، واصبحت من خلال هذا الاسم المتوهج تلبس في كل عام جديد حلة جديدة تعكس لكل العالم ما يحمله هذا الشعب من حب للحياة والعيش الكريم حيث اصبحت قاعدة ودائرة المشاركة تتسع فيها عاماً بعد عام لتبرز الابداع ولتلتقي هذه الوجوه الطيبة والمضيئة وسط ترحيب وحفاوة بالغين من القيادة الرشيدة وهو ترحيب نابع من اصالة وعراقة هذا الوطن وابنائه وجذوره التي تضرب في اعماق الأرض. وبنفس القدرة التي تساهم بها الجنادرية في الحفاظ على موروثات هذه الامة الشعبية وذات الصلة بالواقع الفعلي المعاش تبقى كذلك احدى الاشراقات المهمة في تاريخ هذا البلد الحديث حيث تؤمها سنوياً كثير من الشخصيات العالمية المهمة على مستوى الملوك والرؤساء والأمراء والوزراء من كافة انحاء العالم. وطالما ان الحديث عن الجنادرية فلابد من الحديث هنا عن رجال ظلوا يعملون سنيناً طويلة لترسيخ تراث هذه الأمة ومن بين هؤلاء الرجال صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير الذي ظل يعمل في صمت دؤوب للرقي بكل ما من شأنه ان يحفظ لهذه البلاد تاريخها وارثها التليد، ويكفي الأمير فيصل فخراً التميز الكبير الذي شاهدناه هذا العام في قرية عسير وسط الجنادرية حيث ظلت القرية محط انظار كل زوار هذا المهرجان العتيق ليس لضخامة حجمها فقط وضمها لأكثر من 550 مشاركا من ابناء المنطقة وانما لما تحتويه من ارث كبير يحكي حياة ابناء تلك المنطقة العزيزة من ربوع بلادي لعدة قرون مضت. ان اهتمام الأمير فيصل بالجنادرية وضح جلياً وهو يكلف هذا العدد الضخم من المختصين، 150 شخصاً لتطوير القرية لمهرجان هذا العام وهو ما يؤكد حرص الأمير على ان تكون قرية عسير في صدارة الاجنحة المشاركة في المهرجان. ويبقى التأكيد هنا ان هتمام أمير منطقة عسير لمسألة المشاركة في الجنادرية لم يأت مجرد صدفة بل من معايشة حسية صادقة يعيشها في دواخله وهو المعروف حتى قبل مجيئة للمنطقة باهتمامه بكل ما يتعلق بالتراث والشعر والارث الشعبي بل يعد واحداً من اكثر المهتمين برياضة وادب الفروسية في هذه البلاد وهو ما يجعلنا أكثر اطمئناناً لمستقبل المنطقة خاصة وانه بات بين يدي رجل يحمل في دواخله كل هذه الهموم وهو بعيد جسدياً عن المنطقة فكيف سيكون الوضع إذاً والأمير فيصل أمير للمنطقة التي عرفت تاريخياً بأنها من اغنى مناطق البلاد ارثاً وتاريخاً، حيث تتميز بالعديد من الصناعات التقليدية التي توارثها الابناء عن الاجداد، والآثار التاريخية فضلاً عن تميزها بالعديد من الرقصات التراثية الحربية والألوان الشعبية التي تعكس جمال البيئة العسيرية. اختم حديثي بالتأكيد على ان المسؤولين بالجنادرية وكل ابناء منطقة عسير ممتنون تمام الامتنان للزيارة الاخيرة التي قام بها الأمير فيصل لقرية عسير والتي رافقه فيها عدد كبير من مسؤولين ومشايخ واعيان المنطقة حيث وصف الحاضرون الزيارة بأنها احد أعراس عسير الخالدة في قلب عاصمة الوطن الحبيبة الرياض.