صدر عن مؤسسة الانتشار العربي كتاب جديد للدكتور عمر بن عبدالعزيز السيف عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود بعنوان «بنية الرحلة في القصيدة الجاهليّة: الأسطورة والرمز». ويُعدّ كتاب الدكتور السيف الإصدار الثاني بعد كتابه «الرجل في شعر المرأة: دراسة تحليليّة للشعر النسوي وتمثلات الحضور الذكوري فيه». يتكوّن الكتاب من مقدّمة وثلاثة فصول. فالمقدّمة تتضمّن تعريفًا بالبحث وأهميّته وأهمّ الدراسات السابقة. والفصل الأوّل مهاد نظريّ في الدين والأسطورة والرمز والقصيدة وذاكرة الرحلة، وقد تناوله المؤلّف في ثلاثة مباحث: 1- الأسطورة والدين: التقاطع والافتراق. 2- القصيدة والأسطورة والرمز. 3- ذاكرة الرحلة واختراق المألوف. وتبيّن عناوين مباحث هذا الفصل أنّ الباحث أسّس مهادًا نظريًّا ليكشف من خلاله رؤيته للرمز والأسطورة، وعلاقة القصيدة بهما. كما كشف الفصل عن الجذور التاريخية والأسطورية للرحلة في المنطقة العربية، وعلاقة الرحلة بتكوين إنسان تلك المنطقة. أمّا الفصل الثاني فهو عن مكوّنات بنية الرحلة: من الواقع المعيش إلى الرمزية. وقد قُسّم الفصل إلى مباحث: 1- بنية الرحلة 2- لاميّة بشامة بن الغدير: الناقة 3- ميمية الأعشى: رحلة الذات المتفردة 4- داليّة زهير: أمّ فرقد ودلالة الحضور 5- ابن قميئة: بين المقدس والمدنس وهو فصل حُلِّلت فيه بعض القصائد القديمة التي تُظهر الراحلة وبدائلها، والتحوّل من الواقع إلى الرمز أو القداسة. كما تناول الباحث علاقة هذه العناصر بلوحة الرحلة التي توظّف العناصر الطبيعيّة (كالمطر والريح والنجوم...إلخ) في علاقة تفاعليّة لتغدو رموزًا داخل هذه اللوحة. فثمّة علاقة تضامّ وتفاعل بين هذه العناصر، مما جعل كلّ عنصر يتنقّل داخل تلك الاستعارات الممتدّة داخل بنية الرحلة. وعُنون الفصل الثالث «الرحلة الرمز»، وقُسِّم إلى ثلاثة مباحث: 1- غاية الرحلة 2- الرحلة إلى الفناء 3- التقاء الغايات وتكمن أهميّة هذا الفصل في تحليل النصّ وكشف التأويلات الرامزة لأغراض الرحلة ووظائفها، فالرحلة المُعلن عنها قد تكون قناعًا يخبّئ حقيقة كامنة في النصّ. والرحلة الرمز وهي رحلة الشنفرى- ذات قيمة رمزيّة وأسطوريّة ودلاليّة عالية، مما جعلها مثالاً للرحلة عندما تكون رمزًا. وقد جاء في ختام البحث قول المؤلّف: «سأكون صادقًا بأن أقول إنّني عندما اخترت دراسة بنية الرحلة لم أكن متفائلاً بما سأصل إليه أو ما سأجده، وكنت أرى أنّ عملي أشبه بوقع أقدام طفل صغير في ميدان سحقته أقدام جيوش من الرجال، بيد أنّ البحث كشف لي عمّا لم أتوقّعه ولم أحلم بالوصول إليه؛ فللرحلة أهميّة خطيرة للبشر بشكل عام، ولإنسان المنطقة العربية بشكل خاص؛ فقد وسّعت من قدراته وإمكاناته الذهنيّة بأن أوجدت في ذهنه مولّدات تخييليّة تريه ما لا يستطيع أن يراه، وليس حضورها المتكرر في القصيدة إلا العرَض الخارجي الذي يبيّن للطبيب حال الأعضاء في الداخل. لقد صيغ هذا الحضور بما يناسب المبدع والمتلقي معًا، فالمبدع يعوّل في صوغه على ذاكرة الرحلة في ذهن المتلقّي، وهي ذاكرة تفتح له آفاق غير الممكن، وتجعله متقبلاً لحدوثه...».