من أغرب الأخبار الطبية التي قرأت عنها (في عام 2008) اكتشاف عقار بديل للتمارين الرياضية .. فبدل حمل الأثقال أو الركض في شوارعنا المغبرة يمكنك تناول (حقنة أو كبسولة) من مادة AICAR المحفزة لبروتينات النمو دون الحاجة لتحريك عضلاتك .. فمن المعروف أن عضلات الجسم تكبر وتتضخم حين تعمل بشكل أعظم وفترة أطول (وهو الدور الذي تقوم به التمارين الرياضية ورياضة حمل الأثقال) .. وحين يدرك المخ هذه الحقيقة يأمر بإفراز المزيد من هرمونات النمو لبناء المزيد من الأنسجة العضلية لمواجهة "الحمل" الجديد .. وما اكتشفه العلماء بالصدفة (حسب مجلة Cell في سبتمبر الماضي) أن تحفيز هرمونات النمو العضلي لا يتم بالضرورة عبر مؤثرات فيزيائية خارجية، بل ومن خلال عناصر كيميائية تحفزه (من الداخل)!! على أي حال ؛ قد يكون هذا الاكتشاف حديثا وجديدا ، ولكن الفكرة ذاتها "قديمة" ويمكن تعميمها على مجالات كثيرة أخرى .. فكما توجد في الأسواق عقاقير لتخفيض الوزن وإذابة الشحوم دون القيام بمجهود عضلي يذكر توجد أيضا عقاقير لتعديل المزاج واختلالات الشخصية بطريقة كيميائية سريعة (بدل الجلسات الاستشارية الطويلة) .. وهذه الأيام يمكن للأطباء التأثير على منطقة وسط الدماغ ( التي تتحكم بمعظم الأمزجة ) بواسطة عقاقير مثل بروزاك وزولوفت وباكسيل .. كما يمكن إزالة التعب وزيادة القدرة على الانتباه والتركيز بواسطة عقاقير مثل الريتالين ومجموعة الامفيتامينس (والتي لا يجوز صرفها بغير معرفة الطبيب) .. وفي حال اعتقدت أنك شخص خجول أو ضعيف الذاكرة أو لا مؤاخذة غبي وجبان ، فيمكنك بعد سنوات تناول عقاقير تشفيك بطريقة سريعة ومباشرة .. وإن كنت في سن الشباب فأتوقع عيشك لليوم الذي تتناول فيه "حبة لمنع الغضب " أو " كبسولة لزيادة الشجاعة " أو " حقنة لتقوية الذاكرة" أو "لصقة لتقليل معدل الغيرة والشك" !!!مستقبلا ... أيضا أيها السادة لا ننسى الإمكانات الرهيبة لتطبيق هذه الفكرة على الجوانب التعليمية والتلقينية ... ففي حال رغبت بتعلم عشر لغات في الساعة أو الحصول على دكتوراة في الفيزياء والفلك بجلسة واحدة فيمكنك فعل ذلك بعدة طرق : .. إذ يمكن مستقبلا نسخ المعلومات من أدمغة المتخصصين إلى دماغك مباشرة (وتحميلها خالية من الفيروسات أثناء تمددك على أريكة بيضاء) .. وهذا التوقع مبني على الفرضية القائلة بأن محتويات الذاكرة ما هي إلا أنماط معينة من النبضات والاتصالات الكهربائية بين خلايا الدماغ وفي هذه الحالة لن يختلف الأمر عن نقل المعلومات من ذاكرة الكمبيوتر الى قرص ليزر أو جهاز جوال .. أما إن صحت الفرضية الأخرى (التي تدعي أن الذكريات مجرد رموز كيميائية في سوائل الجمجمة) حينها سيتم نقل المعلومات بواسطة كبسولات وحقن تحتوى على رموز كيميائية خاصة يفسرها الدماغ كمعلومات ذات علاقة بتخصص معين .. وبهذه الطريقة يمكنك مستقبلا تناول "حبة" رياضيات قبل الامتحانات أو "حقنة" فرنسي قبل سفرك لباريس أو "كبسولة" جراحة وتخصص طبي قبل تعيينك في وزارة الصحة ( ... وإن كنت لا أتصور إمكانية فعل ذلك بغير حقنة في العضل) !