أجمع المشاركون في ندوة العنف الأسري التي نظمتها الشؤون الصحية بالتعاون مع الشؤون الاجتماعية بمنطقة المدينةالمنورة على تجريم كافة مظاهر الإيذاء النفسي أو البدني ضد المرأة والطفل، محملين مؤسسات المجتمع المختلفة مسؤولية نشر ثقافة الأمان والحماية. الندوة التي استمرت زهاء ساعتين ونصف أدارها مدير مستشفى الصحة النفسية الدكتور أحمد حافظ وشارك فيها كل من الدكتور علي الزهراني (الأستاذ في الجامعة الإسلامية) والدكتور محمد الأحمدي (أستاذ الصحة النفسية بجامعة طيبة) والأستاذة فادية العناني (رئيسة وحدة الخدمة الاجتماعية بصحة جدة) والدكتورة أنعام الربوعي (رئيسة قسم جراحة الأطفال في مستشفى القوات المسلحة بجدة) والدكتور عمر المديفر (استشاري الطب النفسي بمستشفى الحرس الوطني). وقد تناول المشاركون أسباب تنامي موجات العنف الأسري، والتأثيرات السلبية التي تخلفها في المجتمع بشكل عام والأسرة بشكل خاص، ثم وضعوا جملة من الحلول التي تعيد إلى الأسرة أمانها انطلاقا من تطبيق مبدأ الحقوق والواجبات التي تعرف كل فرد ماله وما عليه، واستدل المحاضر الدكتور علي الزهراني بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤكد مدى عناية ديننا الإسلامي وحرصه على حماية الأسرة والمجتمع من خلال ورقة العمل التي قدمها (العنف الأسري في ميزان الشريعة)، مضيفا أن العلاقات الزوجية ينبغي أن تبنى على الرحمة والاحترام المتبادل (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). وأرجع الزهراني سبب المشاكل الأسرية إلى عدم تطبيق المنهج النبوي في التعامل مع النساء قال صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيرا)، وقال: (خيركم خيركم لأهله)، وعدم تطبيق هذا المنهج في العدالة وجميع جزئيات الحياة. وأكد الدكتور علي أن ظاهرة العنف موجودة في مجتمعنا السعودي وأن السبب في عدم القضاء عليها حتى اليوم هو أن الحلول المطبقة في مجملها جزئية ليست شمولية تعالج جانبا وتترك الجوانب الأخرى جروحا نازفة لا تندمل. ويرى (الزهراني) أن الحل الشمولي يستلزم تضافر جهود الجهات والمؤسسات المختلفة للخروج باستراتيجية تحذر من مخاطر العنف قبل وقوعه، وعلاجه من خلال المختصين من جميع الجوانب الشرعية والنفسية والاجتماعية والطبية والاستفادة من الأبحاث والدراسات المتخصصة. أعقب ذلك ورقة عمل للدكتور محمد الأحمدي بعنوان: (الزوجة المعنفة بين سندان المعاناة ومطرقة المجتمع) تحدث من خلالها عن سبب تحمل الزوجة للعنف وبقاءها في المنزل، وتطرق لمعاملة الإسلام للمرأة، ثم مفهوم العنف ضد المرأة وأساليب العلاج. بعد ذلك قدمت الدكتورة فادية عناني، والدكتورة أنعام الربوعي، والدكتور عمر المديفر أوراق عمل حول طرق اكتشاف المظاهر السريرة والخطة العلاجية ودور الحماية الاجتماعية وسيكولوجية الضحية والآثار الاجتماعية ودور الخدمة الاجتماعية في العلاج والوقاية من العنف الأسري والأمراض النفسية وعلاقتها بالعنف الأسري. وأكدت الندوة جملة من الخطط العلاجية ومنها توفير أماكن آمنة للنساء والأطفال يمكنهم الذهاب إليها للشعور بالأمان ولو لوقت محدود، وتعليم النساء والأطفال على تطوير خطط للأمان لهم داخل المنزل وخارجه والتعاون مع الجهات المختصة برعاية الأسر والأطفال لإيجاد حلول تتوافق مع كل أسرة على حدة، إضافة إلى تعليم الأطفال على سلوكيات إيجابية تساعدهم على تكوين علاقات مستقبلية سليمة. وكانت الندوة قد افتتحت بعرض مسرحي بعنوان (الصمت الناطق) جسد جملة من الممارسات الاجتماعية الخاطئة التي تعد عنفا أسريا يحتاج إلى تدخل سريع. حضر الندوة التي أقيمت في قاعات الندوات والمحاضرات في المستشفى السعودي الألماني مدير عام الشؤون الاجتماعية رئيس لجنة الحماية الاجتماعية بالمدينةالمنورة الأستاذ عبدالجليل بن عبدالله زارع، وعدد كبير من الناشطين الاجتماعيين والمهتمين في الثقافة الحقوقية.