كنت أسأل الاقتصاديين عن إفلاس الشركات الأمريكية التي يأتي بعضها بدون مقدمات. ولم أجد إجابة شافية. ولماذا يأتي إفلاس الشركات الأمريكية مفاجئاً وأحيانا في فترة تبدو الشركة قبلها في حالة جيدة، بينما الشركات الأوروبية والآسيوية التي تعلن إفلاسها تكون من تلك الشركات التي تعاني هزالا واضحا لسنوات إلى أن تموت موتا طبيعيا في السابق كان المثال القائم هو شركة إنرون التي مثلت أول الثقوب الاقتصادية السوداء، وثبت تورط قيادات ومحاسبين قانونيين في تزييف قوائمها المالية. ثم توالت الثقوب الاقتصادية السوداء الأمريكية وإن كان أبرزها ليمان براذرز إلا أن هناك عشرات الشركات الكبيرة التي سقطت بدون سابق إنذار. أما قضية شركة برنارد مادوف الاستثمارية فتعري النظام المالي الأمريكي وتكشف عن أن هناك خللا كبيرا. مادوف رئيس "نازداك" سابق استطاع استغلال سمعته في إنشاء شركة استثمار وهمية (Madoff Securities International) تعتمد على صرف أرباح للمستثمرين من أموال مستثمرين جدد من دون أن يكون هناك عوائد حقيقية. النتيجة خسائر قدرت بخمسين مليار دولار هي المحصلة النهائية لتلاعب مادوف بأموال المستثمرين. لجنة الأوراق المالية والبورصة (SEC) مهمتها مراقبة السوق وكشف التلاعبات لم تستطع كشف التلاعب برغم أنه لفت نظرها إلى ممارسات مادوف قبل عشر سنوات. ثم كيف يسمح له أن يدفع كفالة كمالية مقابل إطلاق سراحه ولماذا لم تصادر جميع أمواله التي يصرف منها أتعاب فريق المحاماة وما هو دور بقية أعضاء مؤسسة Madoff Securities International، كستيفن ريفن وغيره ولماذا لم يبلغوا عن التلاعب؟ وهل هناك جهات محاسبية ورقابية متورطة؟ وإلى أي حد يمكن أن نعتبر الحكومة الأمريكية مسؤولة عما حصل إذ أن الدمار الناتج عن هذه الفوضى المالية الأمريكية فاق الإرهاب وضحاياه وتعدى خراب البيوت إلى خراب الدول.