ليس هناك شيء أسوأ من قيامنا بطريقة غير مقصودة باستيراد المشكلات جاهزة ومعلبة من الخارج لنضيف لما لدينا المزيد من المتاعب والقضايا الملغومة والقابلة للانفجار في أية لحظة.. أقول هذا بعد أن تضاعفت وتنامت الأعداد من الأجانب الذين يحملون الشهادات المزورة.. ويستقدمون إلى بلادنا للعمل إلى جانب بعض المواطنين الحاصلين على شهادات مضروبة من الخارج. وبطبيعة الحال فإن مسلسل الشهادات المزورة واستقدام المزورين طويل جدا بدأ منذ سنوات..وتم اكتشاف أحداثه في وقت متأخر جدا بعد أن طار المزورون الأوائل بالغنائم من بلادنا والسعادة تغمرهم والنقود تملأ جيوبهم فقد حققوا كل أهدافهم دون أن يشعر بهم أحد. تاريخ طويل ومارثوان مضن مع المزورين..وبعد كل حالة كشف لا نأخذ العبرة فلا زال العرض مستمرا..والتزوير يجري على أشده.. والمنافذ مفتوحة والوظائف محجوزة لحين قدوم هؤلاء الخبراء المغشوشين..بشهاداتهم المضروبة. بين فينة وأخرى يتم الكشف عن المزيد من المزورين والمزورات للشهادات..بدءاً بقائمة المحاضرات والأطباء....وقبل أيام طالعتنا الصحف بقائمة جديدة تحمل دفعات أخرى من المزورين وفي تخصصات صحية دقيقة جدا.. لا يمكن أن يؤتمن على ممارستها مزورون قد يودون بمزيد من الأرواح..ويضعون خدماتنا الصحية تحت خط الصفر! تشمل القائمة الحديثة التي كشفها الدكتور حسين بن محمد الفريحي الأمين العام للهيئة السعودية للتخصصات الصحية عن قيام الهيئة بضبط شهادات مزورة لعدد من الممارسين الصحيين أثناء عملية توثيق الشهادات وقد بلغ عددها758شهادة تعود لأطباء وصيادلة وممرضين..وفي مجالات البصريات والمختبرات والعلاج الطبيعي والأسنان والأشعة والتخدير والتعقيم وتخطيط القلب والأطراف الصناعية والسجلات الطبية والقبالة وبنك الدم. لاحظوا هذا العدد الكبير.. وبالتأكيد هناك الكثيرون غيرهم لازالوا يعيثون في الأرض ولم تسلط العيون عليهم بعد..فمن المسؤول عن تمرير التزوير؟ وهذا السؤال يعيدنا إلى الوراء عندما تم كشف النقاب عن المحاضرات المزورات في بعض الكليات..وكيف تم تمرير تزويرهن؟ وأين المحاسبة الشديدة لمن تخاذل في أداء واجباته الوطنية؟ ولماذا لا نقوم بإجراءات احترازية قوية مثل اشتراط الحصول على الشهادات من جامعات معينة..ومخاطبة تلك الجامعات رسميا قبل إتمام إجراءات التعاقد..وبعد ذلك إخضاع المتقدمين لاختبارات تحريرية ومقابلات شخصية دقيقة لنضمن في النهاية الحصول على الأفضل والأجود..وسد جميع المنافذ أمام جحافل المزورين.. وقبل أن نستقدم دون أن نعلم جزاراً بوظيفة طبيب جراح.. وسباكاً أو نجاراً أو حداداً بوظيفة مهندس.. ومعلماً ابتدائياً بوظيفة أستاذ جامعي! ويمكن تطبيق تلك الإجراءات على السعوديين الحاصلين على شهادات علمية من خارج الوطن.