بالغذاء السليم ينمو الطفل بصورة طبيعة جسمانياً وعقليًّا، ومن ثم يجب أن يكون البرنامج الغذائي الواجب اتباعه مع طفل السكري متنوعًا ومتغيرًا ليقابل احتياجات الطفل في جميع الأوقات، وأن يكون الهدف منه امداده بالطاقة اللازمة لنموه، والحفاظ على مستوى السكر في دمه عند الحدود الطبيعية. واتباع البرنامج الغذائي الجيد والصحي يعتبر هو المفتاح السحري والطريقة المثالية التي تساعد بشكل كبير في علاج السكري وضبط سكر الدم والتحكم في احتياجات الطفل من الأنسولين، وهذا البرنامج ليس صعب التطبيق، أو مستحيلا، بل على العكس من ذلك، فتعلم وإعداد البرامج الغذائية الجيدة وتطبيقها يؤدي إلى نتائج ممتازة، خاصة إذا تعلمنا بعض الأمور عن البدائل الغذائية، ومحتويات الأطعمة من العناصر الغذائية والسعرات الحرارية التي تحتوي عليها، لذلك يجب على الوالدين وضع خطة غذائية مناسبة لطفلهما المصاب بالسكري تتناسب مع احتياجات الطفل الخاصة في هذه المرحلة، وتتناسب مع نوعية المأكولات التي يتناولها باقي أفراد العائلة، ومع الوضع الاقتصادي للأسرة، فلكل بلد عاداته الغذائية ومأكولاته الخاصة، ولكل أسرة مقدرتها الاقتصادية وحدود للدخل المادي. ومن أهم النقاط التي يجب مراعاتها في البرنامج الغذائي لطفل السكري هي: تنظيم الوجبات التي يتناولها الطفل من حيث الوقت والكمية والنوعية. فيجب أن تتناسب مع احتياجات الطفل من الطاقة تبعا للنشاط المبذول، وأن تمده بالعناصر الغذائية اللازمة للنمو، كما يجب أن يكون محتوى الغذاء من السكر منخفضًا، وأن يحتوي على كميات معتدلة من النشويات. كما يجب أن يكون محتواه من الدهون منخفضًا نسبيا للسيطرة على نسبة الكوليسترول في الدم، وكذا محتواه من الأملاح يجب أن يكون منخفضًا لمنع ارتفاع ضغط الدم. بالإضافة إلى ضرورة احتوائه على كميات كافية من الألياف وخصوصًا الموجودة في الخضروات والفواكه. ومن الأمور التي يجب الانتباه لها أن تنظيم أوقات الوجبات التي يتناولها الطفل يساعد على حفظ مستوى السكر في الدم وضبطه عند معدلاته الطبيعية، كما أن تنظيم الوجبات يمنع حدوث نوبات انخفاض السكر أو ارتفاعه، وعلينا أيضًا ملاحظة أن الوجبات الكبيرة ترفع مستوى السكر في الدم بشكل عال، ونعني بها الوجبات التي تحتوى على كميات عالية من السكر، وبذلك لا يمكن للأنسولين السيطرة عليه بالشكل المناسب. إن التغذية الصحية للطفل السكري تقتضي الابتعاد التام عن العادات الغذائية السيئة والتي تؤثر بالسلب على صحة الطفل وعلى مرضه المصاب به، ومن بين تلك العادات الخاطئة: الإفراط في تناول المأكولات السريعة، وشرب المشروبات الغازية أو المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من السكريات والسعرات الحرارية. ولعل مشكلة طفل السكري مع الحمية الغذائية تبرز بوضوح عندما يأكل الطفل كميات أكثر من الطعام غير المسموح به أو كميات أقل من الكميات المحددة. ومن ثم يجب على الوالدين وخاصة الأم أن تعرف جيدا الكميات المحددة من العناصر الغذائية والسعرات الحرارية المسموح بها لطفلها السكري، والتي يتم حسابها عن طريق الطبيب المعالج وأخصائي التغذية، والتي تعتمد بالدرجة الأولى على عمر الطفل ووزنه وطوله وجنسه وكذلك النشاط الذي يبذله، وأن الهدف الأساس من ذلك هو التحكم في مستوي سكر الدم لدى الطفل. والحمية الغذائية يجب ألا تفهم على أنها تعني الحرمان كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان، بل تعني تناول غذاء صحي متوزان ومعتدل من حيث الكم والكيف، بحيث لا يحتوي على نسب عالية من المواد السكرية، كتلك الموجودة في المشروبات الغازية، والعصائر غير الطبيعية المحلاة والعلك، والحلويات المصنعة... وغير ذلك؛ لذا يجب على الأهل أن يهتموا كثيراً بوجبات طفلهم السكري، وذلك بأن يعوِّدوه على أكل المفيد من الفواكه والخضروات، وتناول الوجبات الغذائية التي تساعده على الحفاظ على مستوى السكر في الدم دون زيادة أو نقصان، وعلى سبيل المثال: يمكن إعطاء الطفل وجبة غذائية صحية ومتكاملة مكونة من (نصف رغيف صامولى + قطعة من الجبن + حبة خيار + حبة جزر + حبه فواكه متوسطة الحجم)، وهذه العناصر أهم وأنفع بكثير من الناحية الصحية والغذائية من السكاكر التي قد يتناولها. ويجب على الأهل تعليم الطفل أعراض انخفاض السكر وارتفاعه، لكي يستطيع اتخاذ الخطوات السليمة ويتفادى الدخول في غيبوبة السكر، كما يجب عليهم أيضًا الاهتمام بنظافة الطفل، وتعليمه كيفية العناية بالبدن كغسل اليدين وتقليم الأظافر. كما يجب على الوالدين معاملة الطفل المصاب معاملة طبيعية جداً كإخوانه الأصحاء تمامًا، إذ إن الصحة النفسية للطفل تؤثر بشكل كبير على صحة الطفل البدنية، كما يجب على الوالدين تجنب الخوف الزائد أو الإفراط في تدليل الطفل المريض، لأن هذه الأمور توجد لديه نوعًا من التوتر النفسي، والاضطراب السلوكي، والذي قد يؤثر على عاداته الغذائية. ومن الأمور التي يجدر الإشارة إليها أن تعاون الأهل وكذلك الفريق المعالج يعتبر من الأركان الاساسية للتحكم والتعايش بأمان مع الطفل المصاب بالسكري، ومع أن البعض قد يتكلف بعض العناء في بداية الأمر، إلا أنه يتمكن في النهاية بإذن الله تعالى من تحقيق التوازن بين غذاء طفله وبين حقن الأنسولين التي يتناولها والأنشطة الرياضية التي يمارسها، ويتعايش بصورة صحيحة وآمنة مع المرض. @ (المركز الجامعي للسكري- جامعة الملك سعود)